السؤال
أعمل خارج وطني، وأريد أن أتصدق بصدقة سر. هل إذا أرسلت صدقتي إلى أمي أو أبي في وطني من أجل تسليمها للفقراء، يفقدها ذلك ميزة صدقة السر. فهناك من وسوس في قلبي أني أحب أن يعجب أبي أو أمي بما فعلت.
هل هذا رياء، أو محط وسواس من الشيطان؟
وبماذا تنصحوني أن أفعل من أجل أن تكون صدقتي صدقة السر التي كما وصفت: لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصدقة السر بيَّنتها السنة النبوية، في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند ذكر السبعة الذين يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله. وذكر منهم: وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ. متفق عليه.
فهذا الوصف يشعر باستحباب المبالغة في الإخفاء الشديد، فلا يعلم أحد عن تلك الصدقة، لا قريب ولا بعيد، ولا صديق ولا غريب.
وعليه؛ فالصدقة بالصورة التي ذكر السائل خارجة عن صدقة السر، لكن ذلك لا ينقص من أجرها، ما دامت النية خالصة لله تعالى. علمًا بأن إخفاء الصدقة ليس هو الأفضل في كل الأحوال.
قال الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ {البقرة: 271}: فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الجاهر بالقرآن، كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة. والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية. انتهى.
وتراجع للفائدة، الفتاوى: 470899،10992، 367837
والله أعلم.