السؤال
نحن ثلاثة أصدقاء: اشتركنا في شركة مضاربة إسلامية، بنسبة متفق عليها، فأحدنا يقدم رأس مال المشروع، والآخران يقدمان الجهد، قام صديقنا بتصريف الدولار، وتحويله للعملة المحلية، واستلمنا منه: 50 ألفا ـ واتفقنا معه أن له بذمتنا هذا المبلغ، بالعملة المحلية، وليس الدولار، بسبب أنه حصل تضخم سابق في البلد الذي نوجد فيه، وارتفع سعر صرف الدولار من 5 إلى 10 للدرهم الواحد، والآن بعد مرور سنتين تغير سعر الصرف، من 10 إلى 20 للدرهم الواحد، وصديقنا الذي قدم رأس المال يطالبنا بتعديل رأس ماله، من 50 ألفا، إلى 100 ألف، لأنه تعرض للظلم، نتيجة التضخم، الذي يحصل بالعملة المحلية، ونحن نسعى إلى مرضاة الله سبحانه، وتعالى ـ ولا نزكي أنفسنا على الله سبحانه وتعالى ـ فما هو الحل؟ ونحن قد شرطنا عليه من بداية المشروع أن له بذمتنا مبلغه المقدم بالعملة المحلية، لأننا ندرك ما حصل من تدهور للعملة قبل بداية مشروعنا، وفي الوقت نفسه لو كان الحل أن نقوم بتعديل رأس ماله إلى 100 ألف، بدلا من 50 ألفا المستلمة في بداية المشروع، فماذا سنفعل أيضا لو حصل أي ارتفاع آخر؟ وهل سنقوم أيضا بتعديل رأس ماله مع كل تضخم، وزيادة في الأسعار؟ ومن الممكن أن تكون كل قيمة البضاعة التي بين أيدينا تساوي رأسماله، أو أقل منه، وفي هذه الحالة نكون قد أضعنا جهدنا، وتعبنا، وعافيتنا التي أفنيناها ليلا، ونهارا من أجل إنجاح مشروعنا، وتوسيعه، وتكبيره، ونود أن نحيطكم بأننا لم نكن نستورد، وإنما نقوم بالشراء، والبيع من السوق المحلي، وليست كل الأسعار أثناء العمل في المشروع كانت تتضخم بنفس ارتفاع، وتغيرات، وتقلبات الدولار المستمرة.
والسؤال الثاني: نقوم بإخراج الزكاة عند كل حول، فهل الزكاة تقع على صديقنا ـ مالك رأس المال؟ أم تسجل علينا نحن الثلاثة، كمصروف مثل باقي المصاريف المتعلقة بالمشروع؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أن الشريك صاحب رأس المال قدم في هذه الشركة رأسمالها بالعملة المحلية، فلا يجوز له - إذا سلم رأس ماله من الخسارة - أن يطالب بأكثر مما دفعه بالعملة المحلية، ولو نقصت قيمتها مقابل الدولار، وقولك: اتفقنا معه أن له بذمتنا هذا المبلغ بالعملة المحلية... إلخ، قد يفهم منه أنكم التزمتم بضمان رأس المال لصاحبه، فإن كان هذا هو الواقع، فلا يجوز ذلك، وهو شرط فاسد، وقد اختلف العلماء: هل اشتراط ضمان رأس المال يفسد المضاربة أم لا؟ مع اتفاقهم على فساد الشرط، وعدم اعتباره - وقد رجحنا أن المضاربة لا تفسد بذلك، وانظر الفتوى: 376354.
وأما بخصوص سؤالك الآخر المتعلق بإخراج الزكاة عن أموال الشركة، فقد سبق في الفتوى: 16615 ، بيان مذاهب أهل العلم حول من تجب عليه الزكاة في عقد المضاربة، وبينا أن الراجح في ذلك هو مذهب الحنابلة، وهو أن على صاحب المال زكاة المال كله، ما عدا نصيب العامل، لأن نصيب العامل ليس لرب المال، ولا تجب على الإنسان زكاة مال غيره، ويخرج الزكاة من المال، لأنه من مؤونته، وتحسب من الربح، لأنه وقاية لرأس المال، وأما العامل: فليس عليه زكاة في نصيبه، ما لم يقتسما، فإذا اقتسما استأنف العامل حولا من حينئذ.
قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع إلى رجل ألفا مضاربة، على أن الربح بينهما نصفا، فحال الحول، وقد صار ثلاثة آلاف، فعلى رب المال زكاة ألفين، لأن ربح التجارة حوله حول أصله، وقال الشافعي في أحد قوليه: عليه زكاة الجميع، لأن الأصل له، والربح نماء ماله، ولا يصح، لأن حصة المضارب له، وليست ملكا لرب المال، بدليل أن للمضارب المطالبة بها، ولو أراد رب المال دفع حصته إليه من غير هذا المال، لم يلزمه قبوله، ولا تجب على الإنسان زكاة ملك غيره....... وأما العامل: فليس عليه زكاة في حصته حتى يقتسما، ويستأنف حولا من حينئذ. اهـ.
والله أعلم.