السؤال
ذكر لي أحد الذين يعيشون في البلاد الأجنبية هذا الحديث من صحيح مسلم "سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول لعائشة : والله ! ما تطيب نفسي أن يراني الغلام قد استغنى عن الرضاعة. فقالت : لم ؟ قد جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت : يا رسول الله ! والله ! إني لا أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أرضعيه" فقالت : إنه ذو لحية. فقال "أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة ". فقالت : والله ! ما عرفته في وجه أبي حذيفة." وكان سؤال هذا الذي يعيش في الخارج:
كيف أن أبا حذيفة الذي يغار على زوجته من مولاه بمجرد دخوله عليها يقبل أن تظهر زوجته له ثديها ويرتضعه؟
فأين الغيرة تلك؟ أليس بقاء حال ابي حذيفة على الوضع السابق خير له من هذا الحل الغريب؟
أرجو الإيضاح المقنع حتى يمكن الرد على أمثال هؤلاء. وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم، فأتت تعني ابنة سهيل النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوه، وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة، فرجعت فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة، وفي رواية أخرى لمسلم: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟! فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير.
وبهذا يتبين للسائلة صحة هذا الرضاع أعني رضاع سالم، أما كيفيته، فللعلماء فيها رأيان نص عليهما النووي عند شرحه للحديث، فقال: قوله صلى الله عليه وسلم أرضعيه: قال القاضي: لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما، وهذا الذي قاله القاضي حسن، ويحتمل أنه يعفى عن مسه للحاجة، كما خص بالرضاع مع الكبر. اهـ.
والواضح أن غيرة أبي حذيفة من مولاه إنما هي من جهة أنه رجل أجنبي على زوجته، فلما زال ذلك برضاع زوجته لسالم زالت الغيرة وكانت هذه خصوصية لهم جميعا. وراجع الجواب: 3901.
والله أعلم.