السؤال
شيخنا الفاضل
لقد كانت والدتي رحمها الله مصابة بالسرطان وتم معالجتها بالعلاج الكيميائي فترة طويلة ومرات عدة حتى تساقط جميع شعرها فلم تبق منه شعرة واحدة وقد أفتى لها البعض بجواز ارتداء الباروكة حينها..... بعد وفاة الوالدة بقيت الباروكة لا أعلم ماذا أصنع بها... فكرت ببيعها على الكوافير فهي غالية الثمن (ما بين 400 الى 600 ريال سعودي) ولكني ترددت خوفا مني في أن تقوم الكوافير ببيعها لمن ترتديها زينة وفي ذلك مخالفة للشرع.... فسؤالي هو هل إن بعتها للكوافير أأثم في ما بعد إن باعتها لمن تود ارتداءها دون حاجة أو لا إثم( علما بأنها قد تقوم ببيعها لمن يحتاجها من سيدات يعالجن بالكيميائي أو سليمات يستخدمنها كزينة محرمة فالأمر مفتوح لديهن)؟ أفتوني جزاكم الله خيرا.....
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الكلام على الباروكة لا بد من الكلام عن حكم وصل الشعر، وللعلماء في ذلك تفاصيل، وخلاصة كلامهم في ذلك أنه يحرم وصل شعر المرأة بشعر نجس أو بشعر آدمي، سواء في ذلك المتزوجة وغيرها، وسواء بإذن الزوج أو بغير إذنه، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة. واللعنة على الشيء تدل على تحريمه، وعلة التحريم ما فيه من التدليس والتلبيس بتغيير خلق الله ولحرمة الانتفاع بشعر الآدمي لكرامته، والأصل أن يدفن شعره إذا انفصل.
وعند الحنفية قول بالكراهة.
أما إذا كان الوصل بغير شعر الآدمي وهو طاهر: فذهب الشافعية على الصحيح إلى حرمة الوصل إن لم تكن ذات زوج، وفي قول يكره.
أما إن كانت ذات زوج فلهم ثلاثة أوجه: أصحها: إن وصلت بإذنه جاز وإلا حرم.
وذهب الحنفية وهو المنقول عن أبي يوسف إلى أنه يرخص للمرأة في غير شعر الآدمي تتخذه لتزيد قرونها، واستدلوا بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ليست الواصلة بالتي تعنون، ولا بأس أن تعرى المرأة عن الشعر، فتصل قرناً من قرونها بصوف أسود، وإنما الواصلة التي تكون بغياً في شبيبتها فإذا أسنت وصلتها بالقيادة.
وذهب المالكية إلى عدم التفريق في التحريم بين الوصل بالشعر وبغيره، إلا أنهم قد نصوا على أن الوضع على الرأس ليس بوصل، والنهي إنما هو عن وصل شعر بشعر، جاء في الفواكه الدواني للنفراوي على الرسالة عند قول ابن أبي زيد: (وينهى النساء عن وصل الشعر..) قال النفراوي: وَمَفْهُومُ " وَصْلِ " أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَصِلْهُ بِأَنْ وَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا مِنْ غَيْرِ وَصْلٍ لَجَازَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْخُيُوطِ الْمَلْوِيَّةِ كَالْعُقُوصِ الصُّوفِ وَالْحَرِيرِ تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ لِلزِّينَةِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا فِي فِعْلِهِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ، وَيَلْتَحِقُ بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ. انتهى
وذهب الحنابلة إلى تحريم وصل الشعر بشعر سواء كان شعر آدمي أو شعر غيره، وسواء كان بإذن الزوج أو من غير إذنه، قالوا: ولا بأس به من غير الشعر للحاجة، وفي رواية: لا تصل المرأة برأسها الشعر ولا القرامل ولا الصوف.
ومن ذلك نعلم حكم الباروكة فهي جائزة عند الحنفية، وجائزة عند الشافعية للمتزوجة بإذن الزوج، وجائزة عند الحنابلة للحاجة، وجائزة عند المالكية لأنها ليست بوصل بل توضع وضعاً.
ولعل الراجح أنه لا بأس في بيعها لذات زوج.
والله أعلم.