السؤال
كل مخالفة تفسد المجتمع لها حد وعقوبة في الدنيا كالسرقة والزنا.
فما حد التبرج والمتبرجات، وإشاعة الفاحشة، وتطبيع المعصية، في الإسلام؟
كل مخالفة تفسد المجتمع لها حد وعقوبة في الدنيا كالسرقة والزنا.
فما حد التبرج والمتبرجات، وإشاعة الفاحشة، وتطبيع المعصية، في الإسلام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من المخالفات والمعاصي لا حد فيه، فإن فيه التعزير، وهو عقوبة غير مقدرة شرعا، ويكون التعزير بحسب اجتهاد الإمام، وبما يراه رادعا للناس عن تلك المعصية.
فعلى الإمام أن ينهى عن التبرج، وعن إشاعة الفاحشة في المؤمنين، وعليه أن يضع العقوبة التي تردع الناس عن مثل هذه الأفعال.
وقد بين أهل العلم أن من وظيفة الإمام وولي الأمر منع التبرج، ومنع النساء من الفساد والإفساد، وأنه يعاقبهن بما يردعهن عن ذلك.
وذكر كلامهم في هذا يطول، لكننا نكتفي بما أورده ابن القيم -رحمه الله- وعبارته: فَالْإِمَامُ مَسْؤولٌ عَنْ ذَلِكَ، وَالْفِتْنَةُ بِهِ عَظِيمَةٌ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ، مِنْ النِّسَاءِ». وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «بَاعِدُوا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّهُ قَالَ لِلنِّسَاءِ: «لَكُنَّ حَافَّاتُ الطَّرِيقِ».
وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُ النِّسَاءِ مِن الْخُرُوجِ مُتَزَيِّنَاتٍ مُتَجَمِّلَاتٍ، وَمَنْعُهُنَّ مِن الثِّيَابِ الَّتِي يَكُنَّ بِهَا كَاسِيَاتٍ عَارِيَّاتٍ، كَالثِّيَابِ الْوَاسِعَةِ وَالرِّقَاقِ، وَمَنْعُهُنَّ مِنْ حَدِيثِ الرِّجَالِ، فِي الطُّرُقَاتِ، وَمَنْعُ الرِّجَالِ مِنْ ذَلِكَ.
وَإِنْ رَأَى وَلِيُّ الْأَمْرِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَى الْمَرْأَةِ -إذَا تَجَمَّلَتْ وَتَزَيَّنَتْ وَخَرَجَتْ- ثِيَابَهَا بِحِبْرٍ وَنَحْوِهِ، فَقَدْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَأَصَابَ، وَهَذَا مِنْ أَدْنَى عُقُوبَتِهِنَّ الْمَالِيَّةِ. وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَرْأَةَ إذَا أَكْثَرَت الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهَا، وَلَا سِيَّمَا إذَا خَرَجَتْ مُتَجَمِّلَةً، بَلْ إقْرَارُ النِّسَاءِ عَلَى ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهُنَّ عَلَى الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَاَللَّهُ سَائِلٌ وَلِيَّ الْأَمْرِ عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ مَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- النِّسَاءَ مِن الْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الرِّجَالِ، وَالِاخْتِلَاطِ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ.
فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ: أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَرَى الرَّجُلَ السُّوءَ مَعَ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: صِحْ بِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَطَيَّبَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ». وَ "يَمْنَعُ الْمَرْأَةَ إذَا أَصَابَتْ بَخُورًا أَنْ تَشْهَدَ عِشَاءَ الْآخِرَةِ فِي الْمَسْجِدِ". فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْمَرْأَةُ إذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ».
وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِن اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ: أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ، كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ... إلى آخر كلامه رحمه الله.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني