السؤال
أثناء بحثي في مسائل المسح على الجوربين، وجدت الكثير من الباحثين قد استشهد بأن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أجاز المسح على الجوربين الخفيفين والمخرقين.
وهذا يناقض ما جاء في شرح العمدة ونصه: (لَمْ يُمْسَحْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي مِثْلِهِ لَا يُمْشَى فِيهِ عَادَةً، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الْمَسْحِ عَلَيْهِ).
وكذلك الحال بنسبة القول للشيخ ابن باز. وعند البحث وجدت أن الشيخ ابن باز لم يجز المسح على الجوربين الخفيفين.
قوله رحمه الله :( الصواب أن المسح يكون على الساتر الصفيق الذي يستر القدمين؛ لأن الله أباح لنا المسح على الخفين رحمة لنا. فإذا كان الخفان غير ساترين لم يحصل المقصود....).
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب فقهاء الحنابلة -وهم الذين يجيزون المسح على الجوربين- هو اشتراط كونهما صفيقين يصح متابعة المشي فيهما.
قال البهوتي في الروض: يجوز المسح على خف يمكن متابعة المشي فيه عرفا. انتهى.
وجوز بعض أهل العلم المسح على الجورب غير الصفيق؛ لعموم الدليل في نظرهم، وعدم وجود ما يقيده من الشرع، وانظر الفتوى: 352525.
وعارضهم القائلون باشتراط الصفيق بأن هذا هو ما تدعو الحاجة إلى لبسه والمشي فيه.
قال في حاشية الروض معللا هذا القول: لأن ما لا يمكن متابعة المشي عليه، لا تدعو الحاجة إليه، فلم تتعلق به الرخصة. انتهى. وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فيجيز المسح على الجوربين المخرقين، وله في ذلك كلام طويل، ضمن الجزء الحادي والعشرين من مجموع الفتاوى.
وأما الجوربان الخفيفان فلم نجد له كلاما في جواز المسح عليهما سوى ما نقلته عنه في شرح العمدة، وظاهره اشتراط كون الجوربين صفيقين، والمسألة خلافية، والعامي يقلد من يثق به من أهل العلم، وانظر الفتوى: 169801.
والأحوط والأبرأ للذمة، هو العمل بقول الأكثر من اشتراط كون الجورب صفيقا.
والله أعلم.