السؤال
لا أعلم هل أفطرت أياما من شهر رمضان في صغري، أم لا بعد أن بلغت؟ وكثيرا ما يوسوس لي الشيطان أني قعد فعلت.
وكذلك كنت على ذنب، وتبت منه ولله الحمد، وعلمت أن فعله في نهار رمضان محرم وكبيرة، ويفطر، ويجعل الصوم غير مقبول. وأنا لا أتذكر أبدا إن كنت فعلته في مرة في نهار رمضان أم لا؟ فماذا أفعل؟
أشعر باختناق، وحيرة شديدة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الأمر مجرد شك، والشيطان يوسوس لك كثيرا في ذلك كما ذكرت، فلا شيء عليك، والأصل صحة الصوم وبراءة الذمة.
فأعرضي عن تلك الشكوك جملة وتفصيلا، ولا تسترسلي معها؛ لئلا تفسد عليك حياتك، فهي من مداخل الشيطان.
وقد سئل ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- عن داء الوسوسة هل له دواء؟
فأجاب: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون. انتهى.
وقد نص العلماء على قاعدة عظيمة حول الشك في العبادة بعد الفراغ منها صياما أو صلاة أو غير ذلك، وهي أن الشك بعد الفراغ من العبادة لا أثر له، كما أوضحناه في الفتوى: 120064.
وعليه؛ فمن شك هل وقع منه مفسد للصوم أو لا بعد انقضاء العبادة، فإنه لا يلتفت لهذا الشك، ويعمل بالأصل وهو صحة عبادته، وعدم طروء ما يفسدها.
وهكذا الحكم حول الذنب المفطر الذي لا تعلمين هل حصل منك أثناء الصوم أم لا؟ فلا يلتفت لهذا الشك أيضا.
وما دمت قد تبت من الذنب، فأبشري بتوبة الله عليك، فمن تاب، تاب الله عليه مهما عظم ذنبه، فقد شرع الله لعباده التوبة من الذنوب والإنابة إليه وحثهم عليها ورغبهم فيها، ووعدهم بمغفرتها، مهما عظمت، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. {الشورى:25}. وقال: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وقال صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه. رواه الإمام مسلم وغيره، وقال صلى الله عليه وسلم: لله أفرح بتوبة عبده، من أحدكم يجد ضالته بالفلاة. رواه البخاري.
وللفائدة حول شروط التوبة، انظري الفتوى:5450.
والله أعلم.