السؤال
والدي توفي منذ حوالي شهر في حادث سير، وكان يعمل في لجان جمع الزكاة على مدار أكثر من عشرين عاما. وقد ألجأته الظروف في بعض الأوقات إلى الأخذ من هذه الأموال بما يعادل 25000 جنيه مصري.
وقد أوصاني قبل وفاته أنه إن لم تسعفه الظروف لسداد هذا المال في حياته، فيكون هذا المال دينا في رقبتي، يلزمني سداده بعد وفاته.
والسؤال هنا: هل يجوز تأجيل إخراج هذا المال عن والدي؟ علما بأن عمي مريض بالكلى، ويغسل الكلى منذ أكثر من اثني عشر عاما. وقد أوصاني والدي بمساعدته في تجهيز أولاده، وهم لم يصلوا سن الزواج بعد.
فهل يجوز إعطاء هذا المال لهم حال احتياجهم له؟ وهل يجوز إخراج هذا المال في عمل صدقة جارية كإنشاء وحدة لمعالجة مياه الشرب؟
أفيدونا، أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أنه إذا لم يترك والدك من التركة ما يفي بدينه، فإنه لا يجب عليك شرعا أن تسدد دينه، كما بيناه في الفتوى: 101301. وسواء أوصاك بذلك أم لا.
ونحن نقول هذا بيانا للحكم الشرعي، وليس تثبيطا لك عن سداد دينه، بل نوصيك بالاجتهاد في سداد دينه ما استطعت؛ لأن سداد دين الوالد من جملة البر والإحسان إليه.
وإذا تبين لك عدم وجوب سداد دينه أصلا، فلا إشكال في جواز تأجيل سداد الدين، وإذا أخرجت ذلك المال الذي في ذمة أبيك فادفعه لإدارة اللجنة التي كان موظفا فيها، وأخبرهم بأن هذا المال من أموال الزكاة، ويكفي هذا.
وإن لم يمكن ذلك لأمر ما، فاصرفه في أحد مصارف الزكاة الثمانية؛ لأنه مال زكاة في الأصل فيصرف في مصارفها، والصدقة الجارية ليست مصرفا من مصارف الزكاة، وانظر مصارفها في الفتوى: 27006.
ولو فُرِضَ أن عمك أو أولاده من مصارف الزكاة، فإنه يجوز لك أن تدفع المبلغ لهم، ولكن لا يجب عليك -أيضا- أن تفعل ما أوصاك به أبوك من تجهيز أولاد عمك.
والله أعلم.