السؤال
جزاكم الله خيرا.
قال أحد العلماء: إن من قرأ جزءا من الفاتحة، ولو آية بطريقة ملحنة، عليه أن يسجد للسهو بعد إصلاحها. فهل يكون سجود السهو لزيادة أو نقص؟ وهل بعد السلام أم قبله؟
وما المقصود باللحن الذي يحيل المعنى؟ فهل إذا أسقطت حرفا من آية في الفاتحة، وأعدت قراءتها مجددا أسجد للسهو؟ وكذلك ما بعد الفاتحة؟ وأيضا إذا كنت ألحن في ما بعد الفاتحة جهلا مني. ماذا عليَّ؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن لحن في القراءة لحنا يحيل المعنى؛ سواء في الفاتحة أو غيرها؛ وجب عليه سجود السهو عند الحنابلة، ويجب عليه أن يستدرك هذا اللحن إن كان في الفاتحة، واللحن المحيل للمعنى كأن يقرأ (أنعمت عليهم) بضم التاء، ونحو ذلك. ومنه إسقاط حرف من الفاتحة، فمن لحن هذا اللحن وجب عليه سجود السهو.
وأما اللحن غير المحيل للمعنى؛ فلا يوجب سجود السهو، ومن الحنابلة من يرى أن من لحن ناسيا، أو جاهلا لم يلزمه سجود السهو، وإن كان لحنه يحيل المعنى. وهو اختيار المجد ابن تيمية.
ثم إن محل أفضلية هذا السجود عند فقهاء الحنابلة قبل السلام، وإن سجد بعده جاز.
قال البهوتي في شرح الإقناع: (وَسِوَى مَا إذَا لَحَنَ لَحْنًا يُحِيلُ الْمَعْنَى سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) فَإِنَّ عَمْدَهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ أَوْ فِعْلِهِ جَهْلًا. (قَالَهُ الْمَجْدُ) عَبْدُ السَّلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (فِي شَرْحِهِ) عَلَى الْهِدَايَةِ (وَالْمَذْهَبُ: وُجُوبُ السُّجُودِ) لِلَّحْنِ الْمُحِيلِ لِلْمَعْنَى سَهْوًا أَوْ جَهْلًا كَسَائِرِ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ. انتهى
وقال الرحيباني في شرح الغاية: وَقَوْلُهُ: وَسُنَّ سُجُودٌ. . . إلَخْ، هَذِهِ السُّنِّيَّةُ فِي مَحَلِّهِ لَا فِي ذَاتِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ، وَلِلَحْنٍ يُحِيلُ الْمَعْنَى سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا؛ وَاجِبٌ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ؛ هَلْ مَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ بَعْدَهُ أَوْ فِيهِ التَّفْصِيلُ؟ قَالَ الْقَاضِي: وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَبَعْدَهُ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلِ، فَلَا مَعْنَى لِادِّعَاءِ النَّسْخِ، وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ: وَمَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ، إلَّا فِي السَّلَامِ قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ، وَفِيمَا إذَا بَنَى الْإِمَامُ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. انتهى.
والله أعلم.