السؤال
أبي لم يصم منذ أن بلغ، وقبل أن يموت بدأ في الصيام، لكنه كان قد مرض مرضًا مزمنًا، ولم يستطع الإكمال، فهل يجب إخراج كفارة عن تلك الأيام كلها، وهي ما يقرب من أربعين عامًا؟ وكيف نقدّر هذه الكفارات عن هذه المدة؟
أبي لم يصم منذ أن بلغ، وقبل أن يموت بدأ في الصيام، لكنه كان قد مرض مرضًا مزمنًا، ولم يستطع الإكمال، فهل يجب إخراج كفارة عن تلك الأيام كلها، وهي ما يقرب من أربعين عامًا؟ وكيف نقدّر هذه الكفارات عن هذه المدة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي قد منَّ على أبيك بالتوبة قبل موته، ونسأل الله أن يرحمه برحمته التي وسعت كل شيء.
وما دام قد مات قبل قضاء ما في ذمّته، فقد اختلف أهل العلم فيما يترتب على ذلك، فقيل: يشرع لوليّه أن يصوم عنه، وقيل: لا يشرع له ذلك، وهو قول الجمهور، بل يدفع من تركته عن كل يوم إطعام مسكين.
قال النووي في منهاج الطالبين: وإن مات بعد التمكّن، لم يصم عنه وليّه، في الجديد، بل يخرج من تركته لكل يوم مد طعام، وكذا النذر، والكفارة. انتهى.
وقال محمد بن موسى الدميري في النجم الوهاج معللا وشارحا لكلام النووي في المنهاج: لأن الصوم عبادة بدنية، لا تدخلها النيابة في الحياة، فكذلك بعد الموت، كالصلاة. ولا فرق في هذا القسم بين فواته بعذر، أو غيره، قال: (بل يخرَجُ من تركته لكل يوم مد طعام)؛ لما روى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من مات وعليه صيام شهر .. فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينًا). رواه الترمذي... ووافقنا على أنه لا يصام عنه أبو حنيفة، ومالك، والثوري مطلقًا، وأحمد في النذر. انتهى
وعلى هذا القول؛ فيسعكم أن تخرجوا من تركته إطعامًا بقدر الأيام التي في ذمّته. وإن لم يكن له تركة، فيمكنكم التبرّع عنه بذلك.
ولو جهل عدد الأيام، فيمكن الاحتياط في ذلك؛ حتى يغلب على الظنّ براءة ذمّته. هذا مع الإكثار من الدعاء له بالرحمة والمغفرة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني