السؤال
أنا في أرض أهل كتاب، وهم لا يذبحون اللحوم بالطريقة المشابهة لنا، بسبب فكرة تجنب إيذاء الحيوان، لكن يطلقون طلقة خاصة على دماغ الحيوان كي يموت قبل قطع رأسه، فيضمنون بذلك عدم إيذائه كما يظنون.
وأما الدجاج: فيعرضون دماغه لصعقة كهربائية قبل الذبح، وأجد صعوبات كبيرة في شراء اللحوم الإسلامية، يطول شرحها. وقد أعجبتني فكرة طرحت من قبل على لسان أحد المسلمين المتمشيخين أن هذه العملية تقاس بالصيد.
فهل يحل لي إن كنت أستصوب هذا الرأي أكل اللحوم المذبوحة على الطريقة المذكورة أعلاه، وعدم الأخذ بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. اجتنابًا لمشقة شديدة. أفتوني، وفقكم الله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقياس الذبح على الصيد؛ قياس فاسد لا يصح! فللذكاة الشرعية شروط لا تجب في الصيد، بل لا تتصور فيه أصلا! وللصيد شروط حتى يخرج عما يجب في التذكية الشرعية.
ومن ذلك -كما جاء في الموسوعة الفقهية-: أن يكون المصيد حيوانا متوحشا ممتنعا عن الآدمي بقوائمه أو بجناحيه، والمراد بالتوحش -التوحش بأصل الخلقة والطبيعة-، أي: لا يمكن أخذه إلا بحيلة. فخرج بالممتنع مثل الدجاج والبط، لأنهما لا يقدران على الفرار من جهتهما، وبالمتوحش: مثل الحمام، وبقوله " طبعا " ما يتوحش من الأهليات، فإنها لا تحل بالاصطياد، وتحل بذكاة الضرورة بشروطها ... وكون المصيد حيوانا متوحشا ممتنعا بالطبع؛ محل اتفاق بين الفقهاء في الجملة. اهـ.
ثم إن الصيد نفسه لو أدركه الصائد، وهو حي حياة مستقرة بعد الإصابة، فإنه لا بد من تذكيته بالذبح، فإن تأخر بلا عذر حتى مات، كان ميتة لا تحل.
جاء في الموسوعة الفقهية: إذا وجد الصائد الصيد حيا حياة مستقرة بعد الإصابة، أو كان بحيث لو ذهب إليه لوجده كذلك، ولم يذبحه مع تمكنه من ذلك، فمات لم يحل أكله، لأن ذكاته تحولت من الجرح إلى الذبح، فإذا لم يذبح كان ميتة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ما رد عليك كلبك المكلب، وذكرت اسم الله عليه، وأدركت ذكاته؛ فذكه، وإن لم تدرك ذكاته فلا تأكل، وما ردت عليك يدك، وذكرت اسم الله، وأدركت ذكاته؛ فذكه، وإن لم تدرك ذكاته؛ فكله. اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى: 380549. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.