السؤال
أنا فتاة في الثانية والعشرين من عمري، وقد تقدم لي خاطب أكبر مني بسبع سنوات، وتم اللقاء الأول، ثم بعد أسبوع قد أُخبر أنه إِن أعطاه الله فقد قبل والداي، ولكنه أُخبر أيضا أنه سيكون لقاء آخر للتأكد، ويمكن أن يقبض على قلب أحدنا في اللقاء الثاني، وقد لا يرتاح أحدنا للآخر في اللقاء الثاني.
منذ ما يقارب ثلاثة أيام تقدمت أم أحدهم بالسؤال عن فتاة لابنها، وتحدثنا قليلا، لكن لم يحصل شيء سوى أنني تعرفت عليها.
الاختلاف بين الشابين هو كالتالي:
الفرق في العمر: فالأول يكبرني بسبع سنوات، والثاني بسنتين فقط.
التدخين: الأول يدخن قليلا، ويقطع قليلا، والثاني لا يدخن، وأنا لا أحب التدخين.
التعليم: فالأول درس في بلدي أول سنتين في كلية الشريعة، وقطع لأنه قد سافر إلى بلاد الغربة التي نحن مقيمون فيها الآن، والثاني يدرس الآن في كلية الصيدلة.
كلاهما يصلي وملتزم على ما عرفنا عنهم.
سؤالي: هل نسأل عن الشاب الآخر، بينما أرى الشاب الأول؟ أم هذا غير جائز؟ مع العلم أن الخطبة عندنا تكون بقراءة الفاتحة، لكن نحن قابلنا الشاب الأول بالموافقة المبدئية. فهل يعتبر هذا كرد على القبول التام.
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر لا يزال في مقام النظر، وهنالك تردد، ولم يحدث التوافق بينكما -وهو الظاهر-؛ فلا حرج عليك في التعرض لغيره من الخطاب، كما لا حرج في أن يتقدم أحد لخطبتك، ولا يدخل ذلك في النهي عن الخطبة على الخطبة؛ لأن المعتبر في ذلك ركون كل من الطرفين للآخر وتقاربهما.
قال ابن أبي زيد المالكي في رسالته: ولا يخطب أحد على خطبة أخيه، ولا يسم على سومه، وذلك إذا تقاربا وركنا...... اهـ.
قال الشيخ زروق في شرحه على الرسالة: الركون التقارب بوجه مفهم منه إذعان كل واحد لشرط صاحبه وإرادة عقده. اهـ.
وجاء في مغني المحتاج للشربيني الشافعي: فَإِنْ لَمْ يُجَبْ وَلَمْ يُرَدَّ بِأَنْ سُكِتَ عَن التَّصْرِيحِ لِلْخَاطِبِ بِإِجَابَةٍ أَوْ رَدٍّ... أَوْ ذِكْرُ مَا يُشْعِرُ بِالرِّضَا، نَحْوُ: لَا رَغْبَةَ عَنْكَ، لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ { لِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: إنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ؛ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ؛ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ } وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَاهَا، وَخَطَبَهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِأُسَامَةَ بَعْدَ خِطْبَتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَجَابَتْ وَاحِدًا مِنْهُمَا. اهـ.
وإذا كان في هذا الآخر ما ذكرت من الصفات ما يدعو للتوافق، ويرجى أن تدوم معه العشرة؛ فالقبول به أولى.
بقي أن نبين أن التدخين محرم؛ لما يترتب عليه من كثير من الأضرار على المسلم في دينه ودنياه، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 1819.
فإذا كان ذلك الشاب الأول مدخنا دل ذلك على خلل في دينه، وهذا مما يقتضي تقديم الآخر عليه.
والله أعلم.