السؤال
أنا رجل أبلغ من العمر 65 سنة، وحالتي الصحية جيدة، وأقيم في مصر، ولي ابن مقيم في السعودية حجّ عن نفسه أكثر من مرة، فهل يجوز أن يحج عني هذا العام؛ نظرًا لأن الحج هذا العام سيكون للمقيمين في السعودية فقط، ولأنني لا أضمن البقاء على قيد الحياة للعام القادم؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قادرًا ماديًّا وبدنيًّا على الحج، فإنه لا يصح أن تنيب من يحج عنك حجة الإسلام؛ لمجرد منع الحج هذا العام لمن هو خارج السعودية، وهذا المنع مؤقت يزول -إن شاء الله تعالى-، والعجز الذي تصح معه الإنابة، هو الذي لا يرجى زواله، جاء في الموسوعة الفقهية: إِذَا أُصِيبَ بِعَاهَةٍ يُرْجَى زَوَالُهَا، فَلاَ تَجُوزُ الإْنَابَةُ، بَل يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ عِنْدَ زَوَالِهَا عَنْهُ. اهــ.
وقال النووي في المجموع: مَنْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ يُرْجَى زَوَالُهَا، فَلَيْسَ هُوَ بِمَعْضُوبٍ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ بِلَا خِلَافٍ. اهــ.
وقال صاحب الزاد: وَإِنْ أعْجَزَهُ كِبَرٌ، أوْ مَرَضٌ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ؛ لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ ويَعَتَمِرُ عَنْهُ. اهــ.
قال ابن عثيمين في شرحه: وقوله: «لا يرجى برؤُه»، فهم منه أنه لو كان يرجى برؤُه، فإنه لا يلزمه أن يقيم من يحج عنه، ولا يلزمه أن يحج بنفسه؛ لأنه يعجزه، لكن يجوز أن يؤخر الحج هنا، فتسقط عنه الفورية؛ لعجزه، ويلزمه أن يحج عن نفسه إذا برئ. اهـ.
وقولك: "إنك لا تضمن البقاء للعام القادم"، هذا صحيح، وأمر حسن، فالمؤمن يحذر طول الأمل، ويستعد للموت بالأعمال الصالحة، ولكن ذلك لا يوجب عليه ما لم يوجبه عليه الشرع، فأنت الآن معذور، لست مخاطبًا بالحج هذا العام، فلو مت فلن يسألك الله عنه؛ فلا داعي لأن تنيب من يحج عنك، فكل أحد لا يضمن البقاء لعام بل لأيام، ومع ذلك لم يأتِ الشرع بأن من فاته حج عام، ولم يحج أن ينيب من يحج عنه بحجة أنه لا يضمن البقاء.
رزقنا الله وإياك طول عمر في عافية، وحسن خاتمة.
والله أعلم.