السؤال
ما هو حكم المبالغة في ترويج الإعلانات؟ كمن يروج لموقع فيقول: انضموا إلينا لن تندموا، هذا أحسن موقع، وستربحون وكذا وكذا بصيغة المبالغة، علما أنه لن يأخذ مالا من الناس المنضمين إليه؛ لذا لن يسرقهم، بل فقط ينضمون ببريد إلكتروني، وإن لم يعجبهم لا يستمرون معه.
وأيضا أحيانا عندما أضع إعلانا لمنتج أضع معه قصة من وحي الخيال، كأن أضع مثلا ملابس أريد ترويجها، وأضع تحتها قصة (هذه الملابس صممها أخي وأنا أخته، أريد دعمه فأرجوكم تفقدوها أريد مساعدته) يعني أقصد أنني أضع ملابس جيدة التصميم، وأضيف قصة مؤثرة مثل هذه والتي هي فيها بعض الحقيقة، وقليل من الكذب (صحيح أنني أنا أساعد أخي، وصحيح أننا نعمل معا وأريد مساعدته، ولكن الكذبة في أنه ليس هو صاحب التصاميم بل اشتريناها)
فهل هذا حرام؟ فأنا أستعمل هذا الأسلوب لمخاطبة العاطفة لدى الجمهور، فأضع هاته القصص المؤثرة؛ لكي يتفاعل الناس، وإن أعجبتهم الملابس اشتروها.
من فضلكم أفيدوني ما يجوز في الإعلانات وما لا يجوز هل يجب الصدق التام حرفيا؟ لأن هذا أحيانا لا يساعد ولا يجذب الناس على الإطلاق للإعلان، فقد لاحظت أنهم ينجذبون فقط عندما أبالغ وأعظم الشيء فيريدون رؤية الإعلان. علما أنني لا آخذ نقودا من هؤلاء الناس، ولا أغشهم أي لا أكذب عليهم ليدفعوا لي مالا لا أستحقه، بل أدعوهم للموقع فقط، وإذا سجلوا ربحت أنا نقودا وهم لا يخسرون شيئا.
أرجوكم أن تتفهموا موقفي وأسئلتي، وتعينوني أعانكم الله على أن أجعل كل مالي حلالا، ولا أكسب قرشا حراما.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمبالغة في الترويج للسلع عن طريق الإعلانات والدعاية؛ إن كان فيها كذب أو خداع، أو كتمان للعيوب؛ فهي محرمة، وسبب في الحرمان من بركة البيع.
ففي صحيح مسلم عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا؛ بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا؛ مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا.
وإذا لم يكن في الإعلانات كذب أو خداع؛ ولكن فيها ثناء على السلع بما فيها؛ فهذا جائز غير محرم.
قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: قال المهلب: ولا يدخل في الخداع المحرم الثناء على السلعة والإطناب في مدحها؛ فإنه متجاوز عنه، ولا ينتقض به البيع. انتهى.
لكن المبالغة فيه مكروهة، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كثرة الحلف في البيع، حتى لا يغترّ المشتري بذلك.
قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلرِّبْحِ)، وَفِي رِوَايَة: ( إِيَّاكُمْ وَكَثْرَة الْحَلِف فِي الْبَيْع؛ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ، ثُمَّ يَمْحَق". الْمَنْفَقَة وَالْمَمْحَقَة: بِفَتْحِ أَوَّلهمَا وَثَالِثهمَا، وَإِسْكَان ثَانِيهمَا.
وَفِيهِ النَّهْي عَنْ كَثْرَة الْحَلِف فِي الْبَيْع؛ فَإِنَّ الْحَلِف مِنْ غَيْر حَاجَة مَكْرُوه، وَيَنْضَمّ إِلَيْهِ تَرْوِيج السِّلْعَة، وَرُبَّمَا اغْتَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ. انتهى.
وعليه؛ فلا يجوز لك الكذب في الإعلان ولو في شيء يسير لا علاقة له بالسلعة؛ فالأصل في الكذب كله أنّه حرام.
وعليك تحري الصدق في كل شيء، والأولى ترك المبالغة في الثناء على السلع وبيان مزاياها. وللفائدة، راجعي الفتوى: 63048
والله أعلم.