السؤال
لي أحد الأقارب الآن في الثانوية العامة، وهو مقبل على الامتحانات، وكما هو معروف بأنه عندما تقترب الامتحانات يكون في مرحلة ضغط، وشد عصبي ونفسي، وقد اتفقت معه منذ فترة على أن يسبح يوميا 2000 تسبيحة، ويقرأ جزءًا من القرآن الكريم، ولله -عز وجل- الحمد والمنة، هو ملتزم بهذا العدد، ويزيد عليه، ويصل إلى 3000، أو أكثر، ووصل إلى ثلاثة أجزاء في رمضان، وختم القرآن الكريم ثلاث مرات، وعنده كراسة يكتب فيها الأيام، ويكتب في كل يوم ما فعله من التسبيح، والقرآن الكريم، وكل أسبوع يجمع ما فعله، وقد يجمع كل شهر ما فعله كنوع من التحفيز له عندما يرى الآلاف التي فعلها بأمر الله -عز وجل- تكون حافزا له على الاستمرار، بدلا من أن يعمل بدون كتابة قد لا يعرف العدد، وبأمر الله -عز وجل- عندما يجمع العام يجد نفسه قد يصل إلى مليون تسبيحة، تساوي ما يقرب من 200 مليون حسنة، ويزرع له مليون شجرة في الجنة بأمر الله -عز وجل-(وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا).
السؤال: هل هناك أمور عملية، ونفسية، ودينية، وخاصة دينية أفعلها أنا كولي أمر له، أو يفعلها هو لتخفيف الضغط عنه قبل دخول الامتحانات؟
وجزاكم الله -عز وجل- خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك وقريبك.
وحسنا فعلت بنصحك له بالإكثار من الذكر، وتلاوة القرآن العظيم، لكن الأولى عدم إرشاده إلى عدد معين لم يأت في النصوص؛ لئلا يعتقد مشروعيته.
وكذلك الأولى ترك كتابة الأعمال وإحصائها، فإن المرء لا يتعامل مع بشر يضل وينسى، بل يتعامل مع رب عظيم، لا يضيع عنده مثقال ذرة، وربما كانت الكتابة مدعاة إلى الرياء والعجب والإدلال على الله بالعمل.
والمرء أحوج إلى إحصاء سيئاته وأوزاره منه إلى إحصاء أذكاره وأعماله الصالحة!
وتأمل هذا الأثر الجليل: عن عمرو بن سلمة قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قبل صلاة الغداة، فإذا خرج، مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن قلنا: لا، بعد. فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج، قمنا إليه جميعا، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن؛ إني رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته ولم أر - والحمد لله - إلا خيرا. قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه.
قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصا، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك، أو انتظار أمرك.
قال: «أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم»، ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: «ما هذا الذي أراكم تصنعون؟» قالوا: يا أبا عبد الرحمن؛ حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح.
قال: «فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد صلى الله عليه وسلم أو مفتتحو باب ضلالة». قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير.
قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قوما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وايم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج. أخرجه الدارمي. وانظر الفتوى: 159091.
وأما قولك: (قد يصل إلى مليون تسبيحة في العام تساوي ما يقرب من 200 مليون حسنة، ويزرع له مليون شجرة في الجنة) فلا ندري ما مستندك فيه!!
وأما نصائح الامتحانات: فأوصه بتحقيق التوكل والاعتماد على الله، والإكثار من الدعاء، والذكر، مع بذل الأسباب بالاجتهاد في مذاكرة الدروس ومراجعتها.
وعليك بالدعاء له، وشحذ همته في الاجتهاد في المذاكرة، مع الدعاء له بظهر الغيب.
والله أعلم.