السؤال
لدينا بنك يقوم ببناء عمارات، ثم يبيعها نقدا، أو بالتقسيط. هل يجوز شراء بيت بالتقسيط من هذا البنك، بنسبة فائدة ضعيفة جدا، مع العلم أن عملية الشراء تتمثل في أن أدفع مقدما مبلغا ماليا صغيرا، ثم يعطونني البيت الذي أريده مباشرة وليس نقودا.
أسكن في هذا البيت، وأدفع الأقساط طيلة 20 سنة، إلى حين انتهاء كامل الأقساط تصبح ملكية البيت لي، مع العلم أنه يوجد في هذا البنك عمليات ربوية متمثلة في قرض مبلغ مالي، وإرجاعه بنسبة فائدة.
أفيدوني جزاكم الله خيرا؛ فإني في إشكال كبير، فالبنوك الإسلامية التي لدينا تصل نسبة الفائدة فيها إلى 100%، كما يشترطون قيمة البيت الذي أختاره، وهم يشترونه بغاية بيعه لي عند سداد كامل الأقساط، لا يتجاوز 50 ألفا، وهو مبلغ لا يمكن شراء بيت به؛ نظرا لارتفاع قيمة البيوت لدينا في السنوات الأخيرة.
أنتظر إجابتكم بفارغ الصبر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام في هذه المسألة من جهتين:
الجهة الأولى: شراء بيت بالتقسيط ممن يملكه: وهذا جائز من حيث الأصل، إذا ضبط بالضوابط الشرعية، والتي بيناها في الفتاوى: 4243، 1084، 12927.
وأما قولك : ( إلى حين انتهاء كامل الأقساط تصبح ملكية البيت لي) فإن كان المقصود هو رهن البيت للبنك في ثمنه؛ فهذا لا حرج فيه.
وإن كان المقصود به أن البيت يبقى على ملكية البنك حتى اكتمال سداد الأقساط، فهذا ممنوع؛ لمنافاته لمقتضى البيع، وراجع الفتوى: 196823.
الجهة الثانية: حكم إجراء معاملة مباحة -من حيث هي معاملة-، مع بنك ربوي: فإن الذي نفتي به في أكثر فتاوانا هو المنع من التعامل مع البنوك الربوية في المعاملات المباحة، إلا لضرورة، أو حاجة ملحة، وراجع الفتاوى: 385828، 110432 ،55410.
لكن بعض العلماء يرى جواز التعاملات المباحة مع البنوك الربوية ولو بدون حاجة.
جاء في ثمرات التدوين للدكتور أحمد القاضي: مسألة (407) سألت شيخنا -ابن عثيمين- رحمه الله: ما حكم حفظ الأموال في البنوك الربوية، مع إمكان حفظها في بنك إسلامي بحجة سهولة التعامل وقلة المراجعين؟
فأجاب: جائز.
` مسألة (408) سألت شيخنا رحمه الله: ما حكم فتح الموظف الحكومي حسابا لدى بنك ربوي؟
فأجاب: لا مانع من ذلك، ولا دليل يقوى على التحريم. والأولى تجنبه. اهـ.
وهو ما أفتينا به في الفتويين: 125601، 102123.
ومن أحب أن يأخذ بالرخصة في هذه المسألة -لا سيما عند الحاجة- فيرجى ألا يكون عليك ضير في ذلك، ومما ذكره العلماء: أن المفتي له أن يخير السائل في بعض مسائل الخلاف السائغ.
جاء في كشاف القناع: (وله) أي المفتي (تخيير من استفتاه بين قوله، وقول مخالفه)؛ لأن المستفتي يجوز له أن يتخير وإن لم يخيره.
وقد سئل أحمد عن مسألة في الطلاق؟ فقال: إن فعل حنث، فقال السائل: إن أفتاني إنسان لا أحنث، قال: تعرف حلقة المدنيين؟ قال: فإن أفتوني حل؟ قال: نعم. اهـ.
وراجع للفائدة، الفتوى: 319819.
والله أعلم.