السؤال
هل جائز للعلماء استنباط بعض المغيبات من الوحيين، بالكهانة، أو التنجيم، مع حدوث تغيرات مثل مرض، أو زواج، أو ولادة، أو موت؟
وهل ذلك يثبت قطعيا؟
بارك الله فيكم.
هل جائز للعلماء استنباط بعض المغيبات من الوحيين، بالكهانة، أو التنجيم، مع حدوث تغيرات مثل مرض، أو زواج، أو ولادة، أو موت؟
وهل ذلك يثبت قطعيا؟
بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيب قد استأثر الله بعلمه، وما دلت عليه النصوص دلالة واضحة من المغيبات كبيان أشراط الساعة ونحو ذلك، وجب الإيمان به. وما خفي عنا علمه، فليس لنا تكلف تطلبه والبحث عنه.
وقد حاول بعض الناس استنباط بعض المغيبات من ضم بعض النصوص إلى بعض، مع الاستناد على الإسرائيليات ونحوها، فلم يصيبوا, ومن ذلك ما حاوله بعضهم من استنباط عمر الدنيا من دلالة بعض النصوص.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وقال عياض: حَاوَلَ بَعْضُهُمْ فِي تَأْوِيلِهِ أَنَّ نِسْبَةَ مَا بَيْنَ الْأُصْبُعَيْنِ، كَنِسْبَةِ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا مَضَى، وَأَنَّ جُمْلَتَهَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ. وَاسْتَنَدَ إِلَى أَخْبَارٍ لَا تَصِحُّ، وَذَكَرَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي تَأْخِيرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ نِصْفَ يَوْمٍ وَفَسَّرَهُ بِخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي بَقِيَ نِصْفُ سُبُعٍ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الطُّولِ. قَالَ: وَقَدْ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ؛ لِوُقُوعِ خِلَافِهُ، وَمُجَاوَزَةِ هَذَا الْمِقْدَارِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ ثَابِتًا لَمْ يَقَعْ خِلَافُهُ. قُلْتُ: وَقَدِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مُنْذُ عَهْدِ عِيَاضٍ إِلَى هَذَا الْحِين، ثَلَاثمِائَة سنة.
وَقَالَ ابن الْعَرَبِيِّ: قِيلَ الْوُسْطَى تَزِيدُ عَلَى السَّبَّابَةِ نِصْفَ سبعها، وَكَذَلِكَ الْبَاقِي من الدُّنْيَا مِنَ الْبَعْثَةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. قَالَ: وَهَذَا بَعِيدٌ وَلَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ الدُّنْيَا، فَكَيْفَ يَتَحَصَّلُ لَنَا نِصْفُ سُبُعِ أَمَدٍ مَجْهُولٍ. فَالصَّوَابُ الْإِعْرَاضُ عَنْ ذَلِكَ. انتهى.
وإنما أوردنا ذلك؛ لتعلم إنكار العلماء على من حاول تطلب بعض المغيبات، واستنباطها من بعض النصوص، بوجه من التعسف.
فالواجب على أهل العلم وغيرهم التسليم للنصوص، ولما وردت به، فما وردت به من المغيبات آمنا به على وجهه، وما لا، فنكل علمه إلى عالمه، موقنين أن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، وأنه لا سبيل لنا إلى العلم بما لم يطلعنا عليه سبحانه، وهذا في جميع ما ذكرته من الأمثلة وغيرها.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني