السؤال
طلب والداي بعض الحاجيات من البقالة من أخي، وقد اقترب أذان الجمعة الثاني، وقد حاولت أن أوصل له أن هذا البيع باطل حتى تنقضي صلاة الجمعة، ولكنه -هداه الله- لم يفهمني، وفعل ما قد فعل.
الآن سؤالي هو: ما الذي يجب فعله بهذه الحاجيات التي اشتراها أخي -جزاكم الله خيرا-؟ مع العلم أني لو كانت أموال الأهل بيدي بكل صدق لراعيت وقت صلاة الجمعة. و شكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج عليكم في الانتفاع بما تم شراؤه قبل شروع أذان الجمعة الثاني، وجمهور الفقهاء على أن الأذان الذي يتعلق به النهي عن البيع هو الأذان الثاني الذي يبدأ عند صعود الإمام المنبر، وليس الأذان الأول، ثم إنه لو فرض أن البيع وقع بعد شروع الاذان الثاني، فإن الفقهاء مع اتفاقهم على المنع منه، إلا أنهم لم يتفقوا على بطلان البيع، بل قال بعضهم بصحته، وقال آخرون ببطلانه.
قال ابن هبيرة في اختلاف العلماء: ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْمَنْع مِنْهُ. فَقَالَ مَالك وَأحمد: البيع بَاطِل، وَلم يمْنَع من صِحَّته الْآخرُونَ، وَهَذَا النداء هُوَ الْأَذَان الثَّانِي عِنْد صعُود الْخَطِيب، فَإِن الْأَذَان الأول إِنَّمَا زَاده عُثْمَان رَضِي اللَّهِ عَنهُ. اهــ
وجاء في "الفقه الإسلامي وأدلته" للدكتور وهبة الزحيلي: وهل البيع إذا وقع وقت النداء صحيح، أو باطل يفسخ؟ قال الحنفية: البيع صحيح مكروه تحريمًا؛ لأن الأمر بترك البيع ليس لعين البيع، بل لترك استماع الخطبة، ويقرب من قولهم قول الشافعية: البيع صحيح حرام. وقال المالكية: إنه من البيوع الفاسدة، ويفسخ على المشهور، وكذلك قال الحنابلة: لا يصح هذا البيع. اهـــ
وما دام أن الأمر قد مضى، وفيه الخلاف الذي أشرنا إليه، فنرجو أن لا حرج عليكم في الانتفاع بتلك الحاجيات.
هذا؛ وننبهك أخي السائل أننا لمسنا من أسئلتك أنك ربما تكون مصابا بشيء من الوسوسة والتدقيق غير المحمود، فقد سألت سابقا عن بيع يعقده والدك، وسألت عن أمر فعله أخوك في الامتحانات، وهكذا تسأل عن أفعال الآخرين، وقد يكون الدافع لهذا الحرص، ولكن نحذرك من فتح باب الوسوسة والتشديد على نفسك والآخرين؛ فإنه باب غير محمود.
والله تعالى أعلم.