السؤال
لماذا يحق للأولاد الخروج دون إذن، والخروج وقت ما يحلو لهم، ونحن البنات يجب علينا الاستئذان؟ ولماذا يجب علينا الطاعة في كل شيء، عكس الأولاد تمامًا، فإن أرادوا الخروج خرجوا من غير إعلام، أو استئذان من أحد، ولهم الحرية في كل شيء، ونحن لا، فقبل الزواج يجب علينا الجلوس وطاعة والدينا، وبعد الزواج يجب علينا طاعة أزواجنا!
الأمر كالسجن تمامًا، حياة مقرفة بكل معنى الكلمة، أنا أريد حريتي: لماذا يحب أن يكون عليّ ولي؟ أريد أن أكون ولية نفسي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمسلم - ذكرًا كان أم أنثى- مطالب بأن ينقاد للشرع، ويسلّم لأحكام الله؛ لأنه خلق الإنسان، وهو أعلم بما يصلحه في دنياه، ودينه، قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14}.
فإذا حكم، فلا اعتراض على حكمه، بل التسليم له من مقتضيات الإيمان، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب:36}، وقال: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء:65}.
ولم يجعل الله تعالى لأحد من خلقه الحرية المطلقة يتصرف كيفما شاء، فليس هذا حقًّا للرجل، ولا للمرأة، بل هي حرية مقيدة، وفقًا لما يقتضيه الشرع، فلو ترك الناس لأهوائهم من غير ضابط يضبطهم، كان الفساد في الأرض، قال تعالى: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ {المؤمنون:71}.
وليس صحيحًا ما ذكرت من أن المرأة يجب عليها أن تستأذن وليها إذا أرادت أن تخرج لما ينفعها من أمر دنياها، ودينها، بل لها الخروج، مع التزام الستر، والحشمة، والأدب، ولا يلزمها استئذان وليها، وتراجع الفتوى رقم: 229912.
وعدم جواز خروج المرأة من بيت الزوجية، إلا بإذن زوجها، سببه تعلق حقه بها، وكفايتها مؤنتها، فلا سبب يدعوها للخروج، وسبق بيان ذلك بدليله، فراجعي الفتوى رقم: 137248، وقد أوضحنا فيها أيضًا أن المرأة إذا اشترطت على زوجها أن تخرج للعمل مثلًا، وجب عليه الوفاء لها بذلك، وليس له منعها، إلا لمسوغ شرعي.
ومقصودنا مما تقدم بيان أن الإطلاقات التي أوردتها غير صحيحة، وأن هنالك حالات مستثناة.
ومن المقرر شرعًا أن الذكر يختلف عن الأنثى في طبيعته، وخلقته، قال تعالى: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى {آل عمران:36}.
فمن تأمل الفرق بينهما في الخلقة، والقدرة البدنية، والنفسية، أيقن أن من عدل الإسلام ورحمته، تفريقه بينهما في بعض الأحكام؛ ليعطي كل ذي حق حقه، ويكلفه بما يناسبه.
فعندما أوجب الشرع على المرأة طاعة وليها، وزوجها فيما تجب الطاعة فيه، فإنما ذلك من أجل صونها، وحفظها، وليس حبسًا لها، أو تقييدًا لحريتها، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 196169.
ولنا أن نتساءل: ماذا جنت المرأة في الغرب، أو غيره من المجتمعات، التي تركت للمرأة الحبل على الغارب، بلا ضابط، ولا رابط، بدعوى الحرية، والحضارة، والمدنية؟
فهنالك من الفوضى، والفساد ما لا يخفى، ومن الضرر، والوبال ما لا يحصى، حتى إن بعض أتباع الملل الكافرة، نبه إلى خطورة مثل هذا الانفلات، وقد نقل جملة من أقوالهم الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في رسالته: (خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله).
والله أعلم.