السؤال
أنا شخص عمري ٢٣ سنة، لا زلت أدرس في الجامعة، أعمل في مهنة خاصة، وهي تصوير الإعلانات بالفيديو، منذ أسبوع تكلم معي شخص، وقال لي: سنصور محلًّا، وأخبرني أن المحل يقدم مشروبات كحولية، وصورت لهم فيديو إعلانيًّا، ولم أفكر في كون هذا الفعل حرامًا أو حلالًا؟ وقلت بيني وبين نفسي: أنا لا أبيع مشروبات، وليست لي علاقة، ومارست مهنتي، واليوم وصلني حساب الفيديو، وشعرت أن هذه النقود ستكون حرامًا، مع العلم أنه قبل أن تصلني المال، حكيت لأصحاب العمل أني لا أريد أن أعطيكم الفيديو، ولا أريد المال، وعوضكم الله؛ فلم يقبلوا، وقالوا: أنت عطلت عملنا، ولا بد أن نستلم الفيديو، فشعرت بالإحراج، فاستلمت المبلغ، وأعطيتهم الفيديو، وفي هذه الحالة أريد حلًّا للموضوع: ما ذا أفعل في النقود؟ والفيديو فيه عدة لقطات يظهر فيها المشروب، وباقي اللقطات للمكان، والطعام الذي فيه، فهل يجوز أن أنشره كعمل من أعمالي على صفحتي؟ وبالنسبة للمال: ماذا يمكن أن أفعل لتبطل حرمتها إن كانت حرامًا؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مثل هذا الإعلان الذي فيه ترويج للخمور -ولو ضمن الدعاية للمحل الذي يبيعها- محرم شرعًا، فمن القواعد المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله محرمة؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله، كان آثمًا؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان؛ ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء -كالعاصر، والحامل، والساقي-، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالًا محرمًا، كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
فلا يجوز لك إنتاج مثل ذلك الإعلان، ولا يجوز لك نشره في صفحتك بعد إنتاجه.
والمال المكتسب مقابل ذلك محرم أيضًا؛ لأنه عوض عن محرم، قال ابن عثيمين: كل منفعة محرمة؛ فإن عوضها محرم بهذه القاعدة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا حرم شيئًا، حرم ثمنه. اهـ. من اللقاء الشهري.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: يحرم على المسلمين بيع الخمر، والخنزير، ولا يحل لهم التعاون مع غيرهم في ترويج المحرم : بتسويقه، أو الدعاية له، أو الإعلان عنه، أو إلصاق الإعلانات عنه على المنازل؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان . وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله جل شأنه : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } {المائدة:2}.
والمبالغ التي يأخذها الأجير مقابل إلصاق الإعلان عن المحرم، لا تجوز. اهـ.
وأما التخلص من ذلك المال المحرم، فهو بصرفه في مصالح المسلمين العامة، كالطرق، والمستشفيات، ونحو ذلك، أو بصرفه على الفقراء والمساكين. ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 79208.
والله أعلم.