السؤال
جلست في مكة قرابة شهر قبل الحج، فهل عليّ طواف قدوم أم لا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فطواف القدوم سنة عند جمهور أهل العلم، فلا يلزم بتركه شيء عندهم، وذهب المالكية ومن وافقهم إلى أنه واجب، وأن تركه يلزم منه دم، وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 329932، 3616.
وطواف القدوم كتحية المسجد لا يفوت بالجلوس -على الراجح من أقوال أهل العلم-؛ فعليك أن تأتي به قبل الحج؛ فقد نص أهل العلم على أنه سنة للقادم على مكة، جاء في النهر الفائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم الحنفي: طواف القدوم (سنة لغير المكي)؛ لأنه كتحية المسجد، لا تسن للجالس فيه. اهـ.
وجاء في المجموع للنووي: ويبتدئ بطواف القدوم.. فإن خاف فوت مكتوبة، أو سنة مؤكدة، أتى بها قبل الطواف؛ لأنها تفوت والطواف لا يفوت، وهذا الطواف سنة؛ لأنه تحية، فلم يجب، كتحية المسجد. اهـ.
وجاء في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري: يُؤْمَرُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ أَوَّلَ قُدُومِهِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ فَفِي فَوَاتِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ. انْتَهَى.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ كَمَا تَفُوتُ بِهِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ، نَعَمْ، يَفُوتُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَيُحْتَمَلُ فَوَاتُهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ. اهـ.
وإذا كان كتحية المسجد، فإن تحية المسجد لا تفوت، ولا تسقط بالجلوس، وعدم أدائها مباشرة -على الراجح من أقوال أهل العلم-؛ جاء في حاشية العدوي المالكي على شرح كفاية الطالب الرباني: يُكْرَهُ الْجُلُوسُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلَا تَسْقُطُ بِالْجُلُوسِ. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجُلُوسُ قَبْل تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا دَخَل أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ. وَاخْتَلَفُوا فِي فَوَاتِهَا بِالْجُلُوسِ، فَإِذَا جَلَسَ قَبْل الصَّلاَةِ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ فَيُصَلِّيَ؛ لِحَدِيثِ سُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ. اهـ. وهو في الصحيحين.
والحاصل أن عليك أن تطوف طواف القدوم من باب السنة، ولا يسقط عنك بجلوسك هذه المدة قبل أدائه؛ فلا يفوت إلا بالوقوف بعرفة، أو بالخروج من مكة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني