السؤال
هل عند ما أقرأ من سورة التوبة من المنتصف أو الأخير لا تجوز البسملة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فالذي عليه إجماع القراء هو حذف البسملة عند الابتداء بسورة التوبة أو عند وصلها بسورة الأنفال. وأما عند الابتداء بالآي وسط سورة التوبة، فإن أهل الأداء اختلفوا في ذلك. فمنهم من رأى التخيير في ذكر البسملة وفي تركها، كما هو الحال في سائر أجزاء القرآن. ومنهم من رأى منع البسملة. قال ابن الجزري في كتابه النشر في القراءات العشر: "الِابْتِدَاءُ بِالْآيِ وَسَطَ بَرَاءَةَ قُلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِلنَّصِّ عَلَيْهَا، وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا لِأَحَدٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَظَاهِرُ إِطْلَاقِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ التَّخْيِيرُ فِيهَا، وَعَلَى جَوَازِ الْبَسْمَلَةِ فِيهَا نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ " جَمَالُ الْقُرَّاءِ " حَيْثُ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِغَيْرِ خِلَافٍ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَفِي نَظَائِرِهَا مِنَ الْآيِ، وَإِلَى مَنْعِهَا جَنَحَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَعْبَرِيُّ، فَقَالَ رَادًّا عَلَى السَّخَاوِيِّ: إِنْ كَانَ نَقْلًا فَمُسَلَّمٌ، وَإِلَّا فَرَدٌّ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَقْرِيعٌ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ وَتَصَادُمٌ لِتَعْلِيلِهِ. قُلْتُ: وَكِلَاهُمَا يُحْتَمَلُ، الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى تَرْكِ الْبَسْمَلَةِ فِي أَوْسَاطٍ غَيْرِ بَرَاءَةَ لَا إِشْكَالَ فِي تَرْكِهَا عِنْدَهُ فِي وَسَطِ بَرَاءَةَ، وَكَذَا لَا إِشْكَالَ فِي تَرْكِهَا فِيهَا عِنْدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى التَّفْضِيلِ، إِذِ الْبَسْمَلَةُ عِنْدَهُمْ فِي وَسَطِ السُّورَةِ تَبَعٌ لِأَوَّلِهَا، وَلَا تَجُوزُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلُهَا فَكَذَلِكَ وَسَطُهَا، وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْبَسْمَلَةِ فِي الْأَجْزَاءِ مُطْلَقًا، فَإِنِ اعْتَبَرَ بَقَاءَ أَثَرِ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا حُذِفَتِ الْبَسْمَلَةُ مِنْ أَوَّلِهَا وَهِيَ نُزُولُهَا بِالسَّيْفِ كَالشَّاطِبِيِّ وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُ لَمْ يُبَسْمِلْ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَبِرْ بَقَاءَ أَثَرِهَا، أَوْ لَمْ يَرَهَا عِلَّةً بَسْمَلَ بِلَا نَظَرٍ." انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني