الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأنت أيها الأخ ـ والحال ما ذكر ـ على خطر عظيم، فاعلم -هداك الله- أن الله إنما خلق الخلق لعبادته وحده لا شريك له، فأرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب؛ ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، فلا تضيع نفسك وتعرضها للهلكة؛ بإقامتك على مخالفة أمر الله وعصيانه، والاستمرار في تنكب طريق الاستقامة، بل من الآن عليك أن تبادر بتوبة نصوح لله تعالى، وأن تعلم أنه لا سعادة، ولا فلاح لك في الدنيا، ولا في الآخرة، إلا بالاستقامة على شرع الله تعالى.
فإن كنت تريد الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، فهلمّ إلى ما يرضي الله عز وجل، واحرص على طاعته، وامتثل أمره، واجتنب نهيه، تنل سعادة الدارين، كما قال جل اسمه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}.
وأما ما يقع في نفسك من استواء الفعل والترك، والاستقامة وعدمها، فهو من كيد الشيطان لك، ولعبه بك، وتزيينه لك الباطل، وتصويره في صورة الحق، فادفع هذه الأفكار الشيطانية عن نفسك، واستقم على شرع الله تعالى.
وأما كيف تفهم الإسلام، فإن ذلك يكون أول ما يكون بمدارسة القرآن العظيم، والإقبال على تدبره، وكثرة تلاوته، واستعن على ذلك بتفسير ميسر، كتفسير الشيخ السعدي.
وعليك بالرجوع إلى أهل العلم الراسخين فيه، والتلقي عنهم، وقراءة كتبهم.
ومما ينفعك في فهم الإسلام فهمًا صحيحًا وموجزًا، أن تتعرف عن حقيقة الإسلام وتعريفه، وأركانه وخصائصه، وأنظمته ومقاصده، وهذا ما تعرض له الأستاذ الدكتور عبد الكريم زيدان في بداية كتابه المفيد: أصول الدعوة ـ بأسلوب سهل وممتع وميسر.
كما يمكنك الاطلاع على كتاب الشيخ علي الطنطاوي: تعريف عام بدين الإسلام ـ فهو مفيد ومختصر وميسر.
وننصحك بالإكثار من القراءة في سير السلف، وأخبار الصحابة والتابعين؛ لتحصل لك القدوة بالمسلمين الأوائل.
وننصحك بالإكثار من ذكر الله تعالى، والاجتهاد في دعائه، وبصحبة أهل الخير، فإن صحبتهم من أعظم ما يعينك على سلوك طريق الاستقامة.
وننصحك بقراءة الكتب التي تتحدث عن أضرار الذنوب وآثارها السيئة على الفرد والمجتمع، ككتاب الداء والدواء لابن القيم ـ رحمه الله ـ.
وأكثر من التفكر في أسماء الرب تعالى وصفاته، وآلائه ونعمه؛ لتستقر محبته سبحانه في قلبك، فتجد نفسك مقبلًا على طاعته، حريصًا على مرضاته.
وتفكر في الموت وما بعده من الأهوال العظام، والأمور الجسام، واعلم أن الموت نهاية كل حي، وأننا بعد الموت مسؤولون عن القليل والكثير، والفتيل والنقير والقطمير، وأن الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فأعد للسؤال جوابًا، وأعد للجواب صوابًا.
هذا ورغبتك في أن تكون كالمسلمين الأول، تدل على خير فيك، وأنك -فقط- تحتاج إلى عزيمة صادقة، تقلع بها عما ترتكبه من المحرمات، وتقدم بها على التقرب إلى رب الأرض والسماوات.
وأما القراءة عن الأديان الأخرى، فلا ننصحك بذلك؛ حتى تتعلم ما يجب عليك تعلمه من أحكام دينك، ويكفيك الإيمان المجمل بأن كل دين غير دين الإسلام، فهو باطل، مردود على صاحبه، وأن كل من لم يدخل في دين الله تعالى، فهو خالد مخلد في النار أبدًا.
وبخصوص مشاهدة الأفلام الأجنبية، فراجع الفتوى رقم: 58488، وما أحيل عليه فيها.
وأما الصلاة، فنحيلك على الفتوى رقم: 130853، لتتعرف إلى شيء من خطورة ترك الصلاة وإضاعتها -نسأل الله لك الهداية إلى الصراط المستقيم-.
والله أعلم.