السؤال
أبي بدأ يشرب الخمر أمامنا، وأخلاقه سيئة، ويعامل أمي معاملة سيئة، ما سبب لي وساوس حرج شرعي، وهي أن الرجل ليس لأحد سلطة عليه، أما أمي فإذا قامت بنفس التصرف، فسيكون غير مقبول بتاتا، وسيكون على أبي اتخاذ إجراءات معالجة الزوجة الناشز، وهكذا...
ليس لأحد سلطة على الرجل، ولا شيء يردعه عن فعل المعصية سوى خوفه من الله سبحانه وتعالى، وهذا ليس رادعا قويا في هذا الزمن، أعني إذا بلغ الحادية عشرة من عمره، فلا سلطة عليه، ويمكنه فعل أي شيء، أما المرأة فتظل مقيدة طول عمرها!
لا أريد أن تكون لأبي سلطة على أمي.
فهل إذا أسقطت حقها في النفقة، يسقط حقه هو في القوامة عليها؟
أعلم أني أرسلت سؤالا مشابها منذ فترة قصيرة، ولكن لم تجيبوني عليه.
فأرجو أن تجيبوني هذه المرة، وتتفهموا حالتي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الخمر أم الخبائث، وأن تناولها من أكبر الكبائر، ولا سيما إذا كان الشخص يشربها أمام الأهل والأولاد، فيجب على من ابتلي بها الإقلاع عنها، والمبادرة بالتوبة منها.
فيجب على أمك أن تنصح زوجها، وتأمره بالمعروف، وتنهاه عن هذا المنكر الغليظ، ومن حقها إذا لم يستجب لها أن تطلب الطلاق منه، وانظري الفتوى رقم: 8622، والفتوى رقم: 171839 وما أحيل عليه فيها، وهي بعنوان: كيف تتخلص المرأة من زوجها سيئ الخلق إذا رفض أن يطلقها.
وعلى الأولاد أيضا أن ينصحوه، ويأمروه بالمعروف، وينهوه عن المنكر برفق ولين، لعل الله تعالى أن يهديه، فإن النصيحة واجبة لعموم المسلمين، ولكنها تتأكد في حق الأقربين؛ فقد قال الله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ {التوبة:71}، وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة.. الحديث رواه مسلم.
وهذا ما يجب على الرجل أو الزوج أيضا إذا انحرفت زوجته؛ فعليه أن يأمرها، وينهاها، وينصحها، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
وليس صحيحا أن الرجل يفعل ما يشاء، وليس لأحد سلطة عليه؛ فإنه إذا لم يردعه خوف الله تعالى؛ فإن لولي الأمر ردعه وعقوبته؛ فإن الله تعالى يزع بالسلطان، ما لا يزع بالقرآن، كما قال السلف.
وأما عن تنازل الزوجة عن حقها في النفقة؛ فإنه لا يسقط حق الرجل في القوامة؛ وقوامة الرجل على المرأة ليست تقليلا من شأنها، أو تحقيرا لها، ولا هضما لمنزلتها، أو النظر إليها نظرة دون، وإنما هي ولاية رعاية، وتعاون ما بين الطرفين، يقوم كل واحد بواجباته، ويؤدي ما عليه من حقوقٍ حسبما تقتضيه طبيعته.
فالقوامة رئاسة الأسرة، والمسؤولية عنها، وهذه جعلها الله تعالى للرجل، يقوم بها كما يقوم الوالي على الرعية، وجلب المصلحة لها، ودرء المضرة عنها.
وقد بين العلماء -رحمهم الله- ما هي الأمور التي يجب على الزوجة طاعة زوجها فيها.
قال العلامة ابن نجيم الحنفي -رحمه الله تعالى- في البحر الرائق: الْمَرْأَة لَا يَجِبُ عليها طَاعَةُ الزَّوْجِ في كل ما يَأْمُرُ بِهِ، إنَّمَا ذلك فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النِّكَاحِ، وَتَوَابِعِهِ. اهـ. وانظري الفتوى رقم: 50343.
ولذلك لا داعي للوساوس في أحكام الشرع؛ فإن الله تعالى أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين.
والله أعلم.