السؤال
أنا شاب أثرت علي الوساوس فيقول أعطني دليلا قويا على وجود رب، فلماذا لا يدخلنا الله الجنة ونرتاح؟ ولماذا لا يكون رحيما بنا؟ وأصبحت أشك في كل شيء، وكنت أصلي والناس يمدحونني، والآن تركت الصلاة وأجد حرجا عندما أستشير من أثق بهم، فكيف أتعامل مع هذه الوساوس وأرجع للصلاة وأثبت عليها؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاج هذه الوساوس هو أن تعرض عنها وألا تلتفت إليها، واعلم أنها لا تضرك ولا تؤثر في صحة إيمانك مادامت مجرد وساوس وشكوك لم يطمئن بها قلبك، بل أنت على خير مادمت تجاهد هذه الوساوس، وتسعى في التخلص منها، وانظر الفتوى رقم: 147101.
ولكي يزداد يقينك بوجود الله تعالى فتفكر في ملكوت السماوات والأرض، فإن كل ذرة من ذرات هذا الكون شاهدة بوجود خالق حكيم قادر لا يعجزه شيء، وقد أحسن من قال:
تأمل سطور الكائنات فإنها... من الملأ الأعلى إليك رسائلُ
وقد خُطَّ فيها لو تأملت خطها ... ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ ...
وتفكر في مظاهر رحمة الله بعباده من تيسير الأرزاق وإنزال الغيث وإنبات النبات وتقدير ما فيه مصلحتهم، وأعظم من ذلك إنزاله الكتب وإرساله الرسل مبشرين ومنذرين، فهذا من رحمته سبحانه بعباده أن هداهم النجدين وبين لهم سبيل الهدى وسبيل الضلالة، وما على المكلف إلا أن يحمل نفسه على طاعة الله تعالى ويأطرها على الحق طالبا النجاة متعرضا لرحمة الله التي وسعت كل شيء، وعليك بصحبة الصالحين وحضور مجالس العلم وحلق الذكر والاجتهاد في الدعاء، وأما الصلاة: فإنها عمود هذا الدين, فحافظ على صلاتك متفكرا في العقوبة الوخيمة لتركها وأن ذلك مؤد إلى غضب الله سبحانه والتعرض لعقابه الشديد، وانظر لبيان خطورة ترك الصلاة الفتوى رقم: 130853.
وبالمجاهدة والصبر على الطاعة تنال ما تتمناه من الحفاظ على صلاتك، بل تكون صلاتك قرة عين لك وتستشعر لذتها وحلاوتها وأن الحياة الحقة لا تكون إلا في القرب من الله سبحانه واللجأ إليه، واعلم أن لذة الطاعة لا تنال إلا بالمصابرة والمجاهدة، كما في الفتوى رقم: 139680.
واعلم أن الحياة الطيبة لا تنال إلا بالعمل الصالح، وأن الشقاء والتعاسة إنما تحصل للعبد بإعراضه عن الله تعالى، كما قال عز وجل: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى.
وقال تعالى: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة.
فإذا أردت السعادة فالزم طريق العبودية واجتهد في طاعة ربك تعالى مقبلا عليه مبتغيا مرضاته.
والله أعلم.