السؤال
توفيت أمي بعد إصابتها بسرطان العظام، وكانت الوفاة بسبب توقف الرئة، وتوفيت بدولة الهند حيث كانت هناك للعلاج، وتم وضعها بصندوق، وبعد ستة أيام ولظروف معينة وصلت لبلادها اليمن. ولقد أعطيت إبرة لتأخير التعفن؛ ليتم غسلها وتكفينها في بلادها، ولكن عندما ذهبنا بها لإحدى المستشفيات لتغسيلها رفضوا رفضًا قاطعًا فتح الصندوق، وذلك لمرور ستة أيام. فتمت الصلاة عليها من دون تغسيل أو تكفين بالرغم من أن أمي كانت امرأة مصلية ومسبحة.
ما حكم دفنها من دون تغسيل أو تكفين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز دفن الميت المسلم من غير تغسيله وتكفينه، وتغسيله وتكفينه فرض، وإذا دُفِنَ من غير تغسيل نُبِشَ وأُخرِجَ وغُسِّلَ، إلا إذا خيف تغيره أو تفسخ بدنه؛ قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ دُفِنَ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ، أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، نُبِشَ، وَغُسِّلَ، وَوُجِّهَ، إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَفَسَّخَ، فَيُتْرَكَ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُنْبَشُ؛ لِأَنَّ النَّبْشَ مُثْلَةٌ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا.
وَلَنَا: أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ وَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ، كَإِخْرَاجِ مَا لَهُ قِيمَةٌ.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّ النَّبْشَ مُثْلَةٌ. قُلْنَا: إنَّمَا هُوَ مُثْلَةٌ فِي حَقِّ مَنْ يُقْبَرُ وَلَا يُنْبَشُ. اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ نَبْشُ الْقَبْرِ إِنْ دُفِنَ الْمَيِّتُ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ لِغُسْلِهِ، لأِنَّهُ وَاجِبٌ فَيُسْتَدْرَكُ عِنْدَ قُرْبِهِ إِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِنَتَنٍ أَوْ تَقَطُّعٍ، وَإِلاَّ تُرِكَ. وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدِ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ يُنْبَشُ مَا بَقِيَ مِنْهُ جُزْءٌ. اهـ.
وأما النبش لأجل التكفين فقط: فلا ينبش على الصحيح من أقوال الفقهاء؛ لأن المقصود من التكفين الستر، وقد حصل بالدفن؛ جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ دُفِنَ الْمَيِّتُ بِغَيْرِ كَفَنٍ لاَ يُنْبَشُ قَبْرُهُ، وَعَلَّل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ السَّتْرُ، وَقَدْ حَصَل بالتُّرَاب، مَعَ مَا فِي النَّبْشِ مِنَ الْهَتْكِ لِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ. وَمُقَابِل الأْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يُنْبَشُ وَيُكَفَّنُ؛ لأِنَّ التَّكْفِينَ وَاجِبٌ فَأَشْبَهَ الْغُسْل ... اهـ.
أما وقد دفنت والدتك والآن مع طول المدة لا ينبش قبر والدتك، ونسأل الله تعالى أن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة.
وما ذكرته عنها من كونها كانت مصلية مسبحة هذا يرجى لها به الخير -إن شاء الله تعالى-.
والله أعلم.