السؤال
أنا فتاة متزوجة، وأحب زوجي كثيرا بحمد الله، كما أن أهل زوجي طيبون جداً، ولطيفون معي بحمد الله.
هناك مشكلة تزعجني من بداية زواجي وهو اتصال أم زوجي كل يوم مع زوجي (وهو أكبر أبنائها وأقربهم إليها) للاطمئنان علينا ومعرفة أخبارنا بشكل مستمر ومطول، وهو أمر يشعرني بعدم الاستقلالية، وأن أخبارنا ليست أسرارا بيني وبين زوجي.
زوجي بحمد الله لا يتحدث بأسرارنا الزوجية الخاصة جداً مع أمه؛ لكنه يخبرها بما فعل وما سيفعل وبمن التقى وما يشعر كل يوم.
لا أعرف إن كان من حقي أن يزعجني هذا الأمر أو لا، لكن الشعور بعدم الاستقلالية والخصوصية في بيتي أمر يزعجني جداً، ولا أستطيع السيطرة على مشاعري السلبية، وحزني كلما رن الهاتف كل يوم.
أنا وزوجي مقبلان على سفر بداعي العمل، وسنغترب إن شاء الله، وأخشى أن يستمر اتصال والدته به يومياً ونحن في الغربة، وهذا الأمر سيزعجني أكثر، وأخشى من أن تتراكم المشاعر السلبية في داخلي تجاهها وتجاه زوجي لا سمح الله.
هل يحق لي أن أطلب من زوجي أن يخفف مكالماته مع والدته، وأن يتصل بها كل أسبوع مرة ونحن مغتربون؟
(علماً بأني أحبها وأحب أهله جميعاً، ولا أرضى بقطيعتهم - لا سمح الله - وإنما من باب أن تعتاد والدته الفاضلة على نمط حياتنا المستقل).
وماذا تنصحونني أن أفعل حتى لا آثم ولا يضيق صدري؟
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت في نعمة عظيمة ما دام الحب متوفرا بينك وبين زوجك، وما دام الاحترام سائدا بينك وبين أهل زوجك، وإذا أردت أن تستشعري هذه النعمة فانظري إلى كثير من الأسر التي حرمتها، ومن السبل للمحافظة على النعمة ودوامها شكر الله تعالى عليها، قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}.
ويبدو أنك مفرطة في الحساسية، فليس فيما ذكرت من اتصال أم زوجك عليه وإخباره إياها ببعض الأمور ما يدل على تدخل في الخصوصيات الزوجية، وليس من حقك أن تطلبي من زوجك التقليل من هذه المكالمات مع أمه، فهو قد يريد برها بذلك، ولا يبعد أن يقع في شيء من العقوق إذا كان تقليله للاتصال عليها يؤذيها، وراجعي في ضابط ما يحصل به العقوق الفتوى رقم: 285880، والفتوى رقم: 166897، ولا شك في أنه ينبغي لزوجك أن يراعي ما تقتضيه المصلحة، فليس كل ما يعلم يقال، ولا بأس بأن تشيري على زوجك بهذا القدر الأخير من التوجيه الذي ذكرناه.
ونوصيك في الجملة أن تعرضي عن التفكير في أمر زوجك مع أمه، وأن تعتبري ذلك مما لا يعنيك كثيرا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما يعنيه. رواه أحمد والترمذي.
واحرصي على كل ما يحفظ المودة بينك وبين زوجك من جهة، وبينك وبين أهله من جهة أخرى.
وننبهك في الختام إلى أمر مهم، وهو أن الله تعالى قد يفتح على أسرتكم كثيرا من أبواب الخير من المال وصلاح الولد بسبب بر زوجك لأمه، فلا يغيب هذا عن ذهنك، فهو وأمثاله فيه سلوى لك، واصرفي همتك إلى ما ينفعك من أمر دينك ودنياك.
والله أعلم.