السؤال
كان يقال لنا ونحن صغار: قل لصديقك أو للشخص عند شتمه أو إيذائه بالقول أو الفعل لك أو لغيرك (الله يسامحك أو سامحك الله) فبهذا تأخذ حسنة منه، وإن لم يكن عنده تطرح عليه سيئة من سيئاتك، هذا الكلام خاطئ أليس كذلك؟ وهل هناك في الدين ما إن قوبل ـ كرد فعل ـ يجعل هذا يحدث في الدنيا؟ فبعدما كبرنا تعلمنا أن الذي قالوه تحلل مظالم لا يسري إلا في الآخرة، وهذا بالطبع إن لم يوف بالدنيا.
بوركتم وجزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم في الشرع ما يدل على أن هذا الدعاء يسبب أخذ المظلوم من حسنات المسيء، ولكن الشرع رغب من أسيء إليه أن يصفح ويعفو عمن ظلمه وأساء إليه، ويقابل إساءته بالاحسان، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 114087.
وإن لم يقتص المظلوم من ظالمه في الدنيا، ولم يعف عنه، فإنه يُقتَص له منه في الآخرة، فيأخذ من حسناته إن كانت للظالم حسنات، وإلا فإنه يؤخذ من سيئات المظلوم، فيطرح على الظالم كما في صحيح البخاري: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار. أخرجه مسلم.
وراجع الفتوى رقم: 54580.
والله أعلم.