السؤال
عملت أنا وشخص آخر في التجارة منه المال ومني العمل والمحل، ولكننا خسرنا المال كله، وكان هناك تهاون من قبلي في إدارة المال إذ سلمته لأناس غير ثقة، وذهبت للحج والدراسة، فضيع الموكل بالمال هذا المبلغ، وبالتالي ترتب عليّ دين تجاه صاحب المال، وأنا أعمل موظفًا براتب، وهو يطالبني بدفع المبلغ كاملاً أو تقسيطه على دفعات كبيرة أعجز عنها، وهو يصر على ذلك. فماذا أفعل؟ هل يجوز لي تقسيط المبلغ وذلك باستقطاع جزء من مرتبي والذي يوزع بين إيجار البيت ومصروفي أنا وعائلتي؟ كما أنني أدفع لوالدتي مبلغاً من مرتبي، فلا يوجد من ينفق عليها، وإذا رفض صاحب المال ذلك ما الذي يجب عليّ فعله؟ وأنا أخاف أن أموت ويبقى هذا الدين في ذمتي ولا يستطيع أهلي سداده عني وهذا ما يقلقني ولا أستطيع النوم بعض الأوقات بسبب ذلك؟
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أنك أخطأت فيما فعلت، ويلزمك أن تتحمل مسئولية هذا الإهمال، وأن ترد المال إلى صاحبه بالوسيلة التي تتفقون عليها إما بالتقسيط أو غيره، وينبغي لصاحبك أن يصبر عليك مراعياً لأحوالك وظروفك، لقول الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280].
وما دمت ناوياً السداد، وتأخرت فيه لعذر، فلا حرج عليك -إن شاء الله تعالى- ولو وافتك المنية قبل تمام الوفاء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.
قال الحافظ في الفتح: ولابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث ميمونة: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدَّانُ دَيْنَاً، يَعْلَمُ اللهُ مِنْهُ أَنَّهُ يُرِيْدُ أَدَاءهُ، إِلاَّ أَدَّاهُ اللهُ عَنْهُ فِي الْدُّنْيَا.
وظاهره يحيل المسألة المشهورة فيمن مات قبل الوفاء بغير تقصير منه كأن يعسر -مثلاً- أو يفجأه الموت وله مال مخبوء وكانت نيته وفاء دينه ولم يوف عنه في الدنيا.
ويمكن حمل حديث ميمونة على الغالب، والظاهر أنه لا تبعة عليه والحالة هذه في الآخرة بحيث يؤخذ من حسناته لصاحب الدين، بل يتكفل الله عنه لصاحب الدين، كما دل عليه حديث الباب. انتهى.
والله أعلم.