السؤال
أنا كنت أحلف بالله عز وجل كثيرا، ولم أكن أعلم أن لكل يمين كفارة، وكنت أسمع عن ذلك ولكن لا آخذه بجدية؛ لأنني لم أكن مدركا مدى خطورة الأمر، ولكن بعدما علمت بذلك بدأت أحسب بشكل تقديري كم يمين حلفت منذ سن التكليف إلى الآن؟ علما أن عمري 17 سنة ونصف فتفاجأت أنه مبلغ كبير جدا لا استطيع سداده، وأنه علي أن أعمل عدة سنين لكي أجمعه، هو مبلغ تقريبا عشرة آلاف دولار، ماذا أفعل؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولاً إلى أنه لا ينبغي للمسلم أن يكون كثير الحلف، فقد قال الله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}.
وننبهك على أن اليمين التي تجب الكفارة بالحنث فيها هي اليمين المنعقدة، وهي: أن يحلف الشخص على أمر في المستقبل أن يفعله أو لا يفعله، فإذا حنث وجبت عليه الكفارة، والحنث هو: فعل ما حلف ألا يفعله، أو ترك ما حلف أن يفعله, وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 11096، 241504.
فإذا كانت الأيمان على أشياء متعددة، فتتعدد الكفارة، وأما إن كانت على شيء واحد، وحنث فيها المرء ولم يكفر، فإنه تلزمه كفارة واحدة عن كل الأيمان، كما بيناه في الفتوى رقم: 119529، وتوابعها.
وأما بخصوص العجز عن الكفارة؛ فإذا عجزت الآن عن الإطعام، وكنت حال الحنث قادراً على دفع الكفارة: بقيت الكفارات في ذمتك حتى تجد ما تطعم به، ولا يجزئك الصيام لأنك كنت موسرا حين حنثت، هذا عند الشافعية والحنابلة.
قال في المغني لابن قدامة: لو وجبت الكفارة على موسر فأعسر, لم يجزئه الصيام، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو ثور وأصحاب الرأي: يجزئه ; لأنه عاجز عن المبدل فجاز له العدول إلى البدل, كما لو وجبت عليه الصلاة ومعه ماء فاندفق قبل الوضوء به، ولنا أن الإطعام وجب عليه في الكفارة, فلم يسقط بالعجز عنه, كالإطعام في كفارة الظهار, وفارق الوضوء; لأن الصلاة واجبة, ولا بد من أدائها, فاحتيج إلى الطهارة لها في وقتها , بخلاف الكفارة. انتهى.
وذهب الحنفية والمالكية إلى خلاف ذلك وأن المعتبر هو وقت الأداء، وعلى هذا فيجزئك الصيام الآن لعجزك عن الإطعام، وانظر الفتوى رقم: 189949.
وأما إذا كنت في الحالين عاجزا عن الإطعام، ففرضك صوم ثلاثة أيام عن كل يمين.
والله أعلم.