السؤال
أنا شخص مصاب بالحبسة الكلامية (تأتأة)، وهي تزداد عندي في الصلاة في مواضع معينة أكثر من غيرها، وخصوصا في موضعين: بداية الفاتحة، وعند كلمة (أشهد) في التشهد، أقصد: أن هذين الموضعين يصعب علي نطقهما بالصلاة، أما خارجها فأنطقها أسهل بكثير، فماذا أفعل إذا لم أستطع الابتداء بالفاتحة وأنا مأموم والإمام ركع؟ أحيانا أحاول أن أنطق (الحمد لله) ولا أستطيع إلا إذا كبر الإمام للركوع تخرج الكلمة بسرعة، فأقرأ قليلا من الفاتحة وأركع، فهل تصح صلاتي في هذه الحالة؟ هي ليست سحرا -ولله الحمد-، هي حالة نفسية فقط. أعرف نفسي جيدا.
الأمر يصل إلى أني في بعض الأحيان أحضر للجماعة ولا أستطيع النطق بسرعة، فأعيد الصلاة في البيت، لا أستطيع تحصيل أجر الجماعة في كل مرة رغم حضوري، حتى أنني أحيانا أحمل الهم قبل الصلاة، وأخاف أن ينعقد لساني ولا أنطق.
فسؤالي هو: ماذا أفعل إذا كنت مأموما ولم أستطع حتى الابتداء بالفاتحة وركع الإمام؟
وماذا لو كان ذلك في ركعة ثالثة أو رابعة -أي: الإمام يقرأ الفاتحة سرا فلا أستطيع سماعه- هل يحملها عني؟ وماذا عن الصلوات السرية الظهر والعصر؟
وماذا أفعل إن لم أستطع قول كلمة: (أشهد) وكبر الإمام للركعة الثالثة، وأنا لساني منعقد عند هذه الكلمة، هل أنهض للركعة الثالثة مباشرة رغم عدم إكمالي للتشهد؟ وماذا إن حدث هذا في نهاية الصلاة هل أكمل التشهد حتى بعد سلام الإمام وأسلم بعدها -أفعل هذا دائما-؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء والعافية، وننصحك أولًا بالتداوي والذهاب إلى طبيب ثقة، فإن ذلك نافع -إن شاء الله-، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.
ثم إن الذي نفتي به هو: وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، فعلى هذا القول؛ إن تخلفت عن الإمام لعذر؛ كأن كنت بطيء القراءة لم يكن عليك حرج، وتكمل الفاتحة، ثم تتبع إمامك، وإن سبقك بركن أو ركنين، كما يقوله فقهاء الشافعية، قال في مغني المحتاج: (وَإِنْ كَانَ) عُذْرٌ (بِأَنْ أَسْرَعَ) الْإِمَامُ (قِرَاءَتَهُ) مَثَلًا أَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ لِعَجْزٍ لَا لِوَسْوَسَةٍ (وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ) وَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِتْمَامِهَا لَاعْتَدَلَ الْإِمَامُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ (فَقِيلَ يَتْبَعُهُ) لِتَعَذُّرِ الْمُوَافِقِ (وَتَسْقُطُ الْبَقِيَّةُ) لِلْعُذْرِ فَأَشْبَهَ الْمَسْبُوقَ، وَعَلَى هَذَا؛ لَوْ تَخَلَّفَ كَانَ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ (وَالصَّحِيحُ) لَا يَتْبَعُهُ، بَلْ (يُتِمُّهَا) وُجُوبًا (وَيَسْعَى خَلْفَهُ) أَيْ: الْإِمَامَ عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ (مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ)، بَلْ بِثَلَاثَةٍ فَمَا دُونِهَا (مَقْصُودُهُ) فِي نَفْسِهَا (وَهِيَ الطَّوِيلَةُ). انتهى.
وكذا تتم التشهد الأول، وإن قام الإمام إلى الركعة؛ لأنه واجب عند كثير من العلماء، ويرى كثير من العلماء أن الإمام يحمل عن المأموم الفاتحة ولو في الصلاة السرية، وأن التشهد الأول سنة لا واجب، ولو قلدت من يفتي بهذه الأقوال، فتابعت إمامك إذا ركع ولم تتم الفاتحة، وقمت عن التشهد الأول دون إكماله، رجونا ألا يكون عليك حرج، وتفصيل ما يفعله المكلف إذا اختلفت عليه الفتوى تراه في فتوانا رقم: 169801، وقد بينا في الفتوى رقم: 134759 أن الأخذ ببعض الرخص للحاجة مما سوغه كثير من العلماء. وأما إذا سلم الإمام وأنت في التشهد الأخير: فإنك تتم تشهدك، وتصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتدعو بما أحببت، ثم تسلم، ولا حرج عليك في ذلك، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 128556.
والله أعلم.