السؤال
لماذا ندعو ولا يستجاب لنا؟
قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، وقال صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" أي: أن الله لم يخلقنا إلا لندعوه بناء على الآية والحديث السابقين باعتبار أن "إلا" التي جاءت في الآية الكريمة السابقة بعد أداة الشرط "ما" تفيد الحصر، فنحن خلقنا فقط لنعبد الله أي: فقط لندعو الله.
والله وعدنا بأنه سيجيب كل الدعاء باستثناء ما أخبر النبي عنه: "أن يدعو بإثم أو قطيعة رحم، ووجوب اليقين، ولا يستجاب للغافل، ووجوب الكسب الحلال"
وبما أن معنى إجابة الدعاء لها ثلاثة احتمالات: "التعجيل في الدنيا أو الادخار للآخرة أو تكفير الذنوب بمقدار الدعاء" كما ورد في الأحاديث الصحيحة، إذن فإن معنى إجابة الدعاء في قوله: "أجيب دعوة الداع إذا دعان" هي ظنية الدلالة، وليست قطعية الدلالة باعتبارها تحتمل ثلاث احتمالات.
ولكن هذه الاحتمالات الثلاثة يمكن أن تقيد بقوله تعالى في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي؛ فليظن بي ما شاء، إن ظن خيرا فله، وإن شرا فله" و "عبدي عند ظنه بي"
فحكمة الله في أن جعل لإجابة الدعاء ثلاث احتمالات لا يمكن أن تتناقض مع وعد الله بإعطاء العبد ظنه، الذي يختار به أحد احتمالات إجابة الدعاء بناء على ما يحب.
وباعتبار أن الظن في اللغة يعني في إحدى معانيه: اليقين. بناء على قوله تعالى في مدح المؤمنين "الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم" أي: أنهم متيقنون من لقاء ربهم باعتباره من أركان الإيمان.
وبما أن اليقين له ثلاثة أنواع مذكورة في القرآن: "علم اليقين، ثم عين اليقين، وأعلاها حق اليقين" كما أشار أهل العلم إلى ذلك.
وبما أن "حسن الظن بالله من حسن العبادة"المصدر: سنن أبي داود، وقال عنه صالح، وحكم عليه ابن حجر العسقلاني، والمنذري, والبوصيري, والسيوطي، بأنه حسن أو صحيح أو ما قاربهما.
أي: حسن الظن بالله من حسن الدعاء، والحسن بمعنى: الصحة، والإتقان، والإخلاص، و...
والله وعد في الآية التالية: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" أحسنوا أي: أحسنوا العبادة، كما قال معظم المفسرين، وأما معنى الحسنى فاختلف فيه المفسرون، وأقرب ما وجدته من أنها اسم تفضيل لكلمة "الحسنة" أي: الأجر والثواب الذي وعد الله به ... وأما الحديث الذي قيد به رسول الله بأن الحسنى هي الجنة، وأن الزيادة النظر لوجه الله فهو ضعيف، وهو قول لأبي بكر، وعلي -رضي الله عنهما.
فدعاء، وحسن ظن بأعلى درجات اليقين بأن بإحدى احتمالات الإجابة التي وعد الله بها عباده، فحق على الله أن يفي بوعوده، وعلى الداعي ألا يستبطئ تحقيق الوعد، لأن الله تعالى قال: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا"
والقدر هو: المقدار المعين الذي جعله الله لكل شيء، وهذا المقدار مطلق، فيدل على مقدار من الوقت، ومقدار من الدعاء، ومن السعي والتوكل على الله.
ما رأي فضيلتكم بما سبق؟ وهل هو فهم صحيح؟ وهل يخالف أيا من آيات الله أو أحاديث النبي؟
لو تفضلتم عليّ بعدم ذكر تفسير للآيات السابقة أو شرح للأحاديث بناء على اجتهاد بعض أهل العلم، فبحمد الله كل كتب التفسير متاحة إلكترونيا وبسهولة, وجزيتم خيرا.