الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الدعاء بالزواج من رجل بعينه والتوسل بالأعمال الصالحة

السؤال

أنا فتاه عمري30 سنة، ملتزمة بديني وصلاتي ولله الحمد، وأذهب إلى مكة للعمرة كل ثلاثة أشهر تقريبا، وقد مضت حياتي كلها في العمل والدراسة منذ أن كان عمري 18 سنة، رغبة مني بتطوير شخصيتي، ولاقتناعي أن العمل يجعل مني شخصا له فائدة في الحياة، ولم أفكر بأي شيء غير إكمال دراستي، ثم درست من جديد وأخذت شهادة ثانية وانتبهت إلى حياتي أنها كلها دراسة وعمل فقط، ومع أن شعور الأمومة يذبحني جدا، لكن لم يأت أحد لخطبتي، وكنت راضية مع مراراة قلبي، فأنا أعشق الأطفال، وحلمي أن أرزق بثمانية أطفال إن شاء الله، ولكن العمر مضى.
وقبل سنتين لفت نظري في العمل - ولأول مرة - زميلي من دولة عربية أخرى، وهو إنسان أفنى حياته بعد وفاة أبيه بالعمل لإخوانه، يدفع مصاريف دراستهم ويصرف عليهم، ويدفع شهريا ديونا كانت على والده رحمة الله، مع أن حالته المادية ضعيفة جدا، لكنه كان رائعا وأخلاقه رائعة، كان إنسانا بسيطا جدا وبارا بوالدته، وحنونا وطيبا مع الجميع، فأصبح بيني وبينه علاقة فصارحته بحبي له، وطلبت منه الزواج، ولكنه اعتذر لظروف كان قد قالها لي بالسابق.
وبعد السنة الثالثة تحسنت أموره المالية جدا، وبدأ بسداد أكبر قسط من الديون، ولا أستطيع فتح موضوع الزواج مرة أخرى، فدعوت الله أن يجمع بيني وبينه بالخير، ويرزقني منه الذرية الصالحة عاجلا غير آجل، ولكن لم يستجب الله دعائي حتى الآن، فماذا أفعل؟ وهل أخطأت في شيء؟ أم أن دعائي لا يستجاب أم أن الله غير راض عني.
مع أنني إنسانة بسيطة جدا، وأقول في نفسي: لا أريد غير الستر والزواج والذرية الصالحة، ولا أطلب مالا ولا حفلة ولا شيئا، لأنها بالنسبة لي كماليات لا تهمني، وقد زوجت أكثر من بنت ورجل بحمد الله، وساعدت الناس وفعلت كل الخيرات طوال حياتي، ولم أقصد شيئا غير رضا الله عز وجل، وقد دعوت الله أن ينور بصيرتي، فما الغلط الذي فعلته؟ وقد حلمت أني في مركب على البحر، وأنني أعلم أن هناك موجة كبيرة سوف تأتي، لكنها لم تأت، وكانت ماء راكدة ولم يحدث شيء، وأحيانا أقول إن الله لن يتقبل دعائي، لأنه لا يراه مناسبا لي، وأستغفر الله وأرجع للدعاء, ودعوت الله أن يجعله لي خيرا، وإن كان فيه شر لي فاجعله خيرا لي، فإني أريده زوجا لي بالحلال، وأصبحت أدعو: يارب أسألك بكل عمل خير فعلته بحياتي أن تتقبل دعائي، ولا أعلم مدى جواز ذلك؟
مشاعري ليست على حال واحد، والتفكير أرهقني، وأدعو الله دائما بجيمع الأدعية لكن الشيطان يوسوس لي أنها غلط، وأنا كلي يقين أنه لن يتغير شيء إلا بأمر الله، وأن الدعاء سوف يغير كل شيء، ويحقق لي ما أتمنى، لكني لا أريد أن أغلط وأنا أدعو، فما الأدعية المستحبة؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبهك إلى أن التعارف بين الرجال والنساء الأجنبيات في أماكن العمل أو غيرها باب فتنة وذريعة فساد وشر، وانظري الفتوى رقم: 1769 ، لكن يجوز للمرأة عرض نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها بضوابط وآداب بيناها في الفتوى رقم: 108281 ، ويجوز لها الدعاء بالزواج من رجل بعينه، ويجوز التوسل بالأعمال الصالحة، وراجعي الفتوى رقم: 259351 ، لكن الأولى الدعاء بالزواج من رجل صالح دون تعيين، فإنّ ما فيه الخير يعلمه الله، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 216].

وينبغي الحذر من استعجال نتيجة الدعاء وترك الدعاء يأسا من الإجابة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي. متفق عليه، واعلمي أنّ إجابة الدعاء لا تكون بالضرورة بتحققّ المطلوب، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاث: إِمَّا أنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أنْ يَصْرِف عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أكْثَرُ. رواه أحمد، وراجعي الفتوى رقم: 124547 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني