السؤال
أحتار جداً من قول الأئمة الأجلاء إن حق الزوج أعظم من حق الزوجة! فلماذا يريدون تعظيمه إلى هذا الحد؟ والحديث أن الرجل جنة ونار زوجته، فهي أيضا جنته وناره وهي في ذمته وهو مسؤول عنه، والدليل أنه توجد امرأه مومسة دخلت الجنة بسبب كلب، وأخرى على العكس منها دخلت النار، فالحيوانات في ديننا يشملها بالعطف والرحمة، فما بالكم بالزوجة! ولماذا لا تقرون ببعض حقوقها؟ بل قد قرنت باليتيم! وهل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيرا ـ واجب أم أمر؟ وأيضاً قلتم إنه ليس من واجب الأهل ولا الزوج التنزه بفتياتهم فنحن بالطبع لا ننتظر شفقتهم لأن الله سمح لنا بالخروج مع صديقاتنا للتنزه، وأتمنى أن يخجل من يقول بأن الزوج سيد والمرأة أمة! ففي الحديث ما معناه: فليقل خيراً أو ليصمت.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيظهر من هذا السؤال والأسئلة السابقة للأخت السائلة أن عندها اضطرابا وتشويشا في موضوع المرأة ومكانتها وحقوقها وواجباتها والفرق بينها وبين الرجل، واستيعاب هذا الموضوع لا يتيسر في مجال الفتوى، ولذلك فإننا ننصحها بمطالعة كتاب متخصص في هذه الجوانب، ككتاب: المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية ـ للدكتور محمد إسماعيل المقدم، وكتاب: المرأة بين الجاهلية والإسلام ـ للشيخ محمد حامد الناصر.
وأما أصل إشكالها: فيمكن جوابه بإيضاح قضية المساواة بين الرجال والنساء من المنظور الشرعي، وهذا قد تعرضنا له في الفتوى رقم: 138007.
وكذلك تعرضنا لجواب بعض الشبهات المتعلقة بالفروق بين الرجل والمرأة في الفتوى رقم: 16032.
وننبه هنا على بعض الأمور التي أشارت إليها السائلة في سؤالها، فمن ذلك قولها: لماذا لا تقرون ببعض حقوقها؟ بل قد قرنت باليتيم! فلا ندري من الذي ينكر أن للمرأة حقوقا واجبة، سواء أكانت أما، أو ابنة، أو أختا، أو زوجة، فليس هذا بمحل نزاع، وراجعي على سبيل المثال في تفصيل الكلام على الحقوق المتبادلة والمشتركة بين الزوجين، الفتوى رقم: 27662.
وأما الاقتران باليتيم: فهذا قد جاء في حديث شريف، لبيان ضرورة أداء حق المرأة والحث عليه، والتشديد في إضاعته، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجه وأحمد، وصححه البوصيري، وحسنه النووي والألباني.
قال النووي في رياض الصالحين: معنى: أحرج ـ ألحق الحرج ـ وهو الإثم ـ بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيرا بليغا، وأزجر عنه زجرا أكيدا. اهـ.
وقال المناوي في فيض القدير: بأن تعاملوهما برفق وشفقة، ولا تكلفوهما ما لا يطيقانه، ولا تقصروا في حقهما الواجب والمندوب، ووصفهما بالضعف استعطافا وزيادة في التحذير والتنفير، فإن الإنسان كلما كان أضعف كانت عناية الله به أتم، وانتقامه من ظالمه أشد. اهـ.
وأما مسألة الخروج للنزهة، فقد قلنا: إن هذا لا يلزم الرجل، بمعنى أنه لا يطالب به قضاءً، ولا يأثم بتركه، ومع ذلك فقد قررنا أن فعل ذلك مستحب مندوب إليه، وأنه من حسن العشرة، ومن الأمور المطلوبة لدوام المودة، وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 132997، 223654، 99638.
وأما وصف المرأة بالأمة عند زوجها: فهذا فيه تجوُّز ومجاوزة، ولا بد من التفصيل في بيان معناها، حتى يُقبل منه الصحيح، ويُرَدَّ منه الباطل! فإن كان المراد أن للزوج على زوجته حق الطاعة والخدمة بالمعروف، فهذا صحيح، وإن كان المراد أن حقه عليها مقدم على حق غيره، وإن كان والديها، فهذا حق، وكذلك إن كان المراد بأن عصمة الزوجية في يده دونها، وأما إن كان المراد إهانتها، والتحقير من شأنها، وسلب إرادتها وحقوقها، فهذا باطل بلا ريب، وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 154479، 13158، 143181.
والله أعلم.