السؤال
من أنواع البلاغة التشخيص، وهو إعطاء غير العاقل صفة العاقل كما هو معلوم, مثل قوله تعالى عن فرعون "حتى إذا أدركه الغرق" فالغرق أعطيَ صفة العاقل,,فهل يمكن أن نحمل قوله تعالى "فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض" وقوله تعالى "فلما سكت عن موسى الغضب" على التشخيص. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النوع من البلاغة قد تكلم عنه بعض البلاغيين المعاصرين، قال صاحب الظلال: والتشخيص- ونعني به خلع الحياة وتجسيمها على ما ليس من شأنه الحياة المجسمة من الأشياء والمعاني والحالات النفسية- فن في القرآن، يرتفع بالصور وبالمشاهد التي يعرضها إلى حد الإعجاز، بما يبث فيها من عنصر الحياة. انتهى.
وقد جعل الآيتين المسؤول عنهما من هذا القبيل في كتابه التصوير الفني في القرآن، قال في قوله تعالى: ولما سكت عن موسى الغضب: فإن أجمل ما في هذا التعبير هو "تشخيص" الغضب، كأنه إنسان، يقول ويسكت، ويغري ويصمت، فهذا "التشخيص" هو الذي جعل للتعبير جماله، وهو الذي أدركه الزمخشري، ثم لم يحكم التعبير عنه، أو عبر عنه بلغة زمانه فلا تثريب عليه.
وقال في قوله: يريد أن ينقض: والجدار بنية جامدة كالجلمود، ولكنه في تعبير القرآن يحس ويريد: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} !. انتهى.
فالحاصل أن الآيتين يمكن حملهما على التشخيص المذكور على أن في نحو هذا نقاشا يطول بين نفاة المجاز ومثبتيه ليس هذا محل بحثه واستقصائه.
والله أعلم.