السؤال
أنا تاجر أملك سجلاً تجارياً،ولعدم وجودالمشاريع المتاحة، استنجدت ببعض الأصدقاء الأول له علاقات قوية بحكم منصبه كمدير والثاني لديه وساطات تجارية ممتازة، والسؤال المطروح: هل يمكن أن أشاركهم؟ مع العلم أن المدير يقوم بعمل الحصول على المشاريع، بينما الثاني يحصل على المواد التي سيتم إنجاز المشروع بها عن طريق الشراء لأجل، وبعد إنجاز المشروع يتم تقسيم الأرباح بالتساوي بعد طرح جميع المصاريف، هل هذه الطريقة مشروعة أفيدوني أفادكم الله ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيمكن تكييف هذه الشركة على أنها من قبيل شركة الوجوه، وصورة شركة الوجوه هي: أن يشترك اثنان، أو أكثر لا مال لهم، على أن يشتروا بجاههم، و ما يخلص من ربح يكون بينهم .
وفي مشروعية شركة الوجوه خلاف بين أهل العلم. منهم من منعها كالمالكية والشافعية، قال ابن رشد في بداية المجتهد: وشركة الوجوه عند مالك، والشافعي باطلة. وقال أبو حنيفة: جائزة. وهذه الشركة هي: الشركة على الذمم من غير صنعة، ولا مال. وعمدة مالك، والشافعي: أن الشركة إنما تتعلق على المال، أو على العمل، وكلاهما معدومان في هذه المسألة مع ما في ذلك من الغرر; لأن كل واحد منهما عاوض صاحبه بكسب غير محدود بصناعة ولا عمل مخصوص. وأبو حنيفة يعتمد أنه عمل من الأعمال، فجاز أن تنعقد عليه الشركة. انتهى
وقال الماوردي الشافعي في الحاوي الكبير: وأما القسم الخامس: وهو شركة الجاه وتسمى شركة الوجوه فهو أن يكون الرجل ذا جاه فيقولان على جاهنا ونشتري متاعا والربح بيننا فهذه شركة الجاه وتسمى شركة الوجوه...وهي شركة باطلة. انتهى
ومن أهل العلم من قال: بجواز هذه الشركة، وصحتها كالحنفية والحنابلة، قال السمرقندي الحنفي في تحفة الفقهاء: وأما الشركة بالوجوه فأن يشترك الرجلان ولا مال لهما على أن يشتريا ويبيعا بوجوههما على أن ما اشتريا أو اشترى أحدهما فهو بينهما نصفان وسميت شركة الوجوه لأنه لا يشتري بالنسيئة إلا من له وجه عند الناس، وهي: عقد جائز عندنا خلافا للشافعي لتعامل الناس في الأعصار من غير نكير. انتهى
وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: قوله: ووجوه إن اشتركا بلا مال على أن يشتريا بوجوههما ويبيعا... بيان للنوع الرابع من شركة العقد، وقدمنا أنها كالصنائع تكون مفاوضة وعناناً.. إلى أن قال: وهي جائزة عندنا. انتهى
قال ابن قدامة الحنبلي في الكافي في فقه الإمام أحمد: الضرب الثالث: شركة الوجوه وهو: أن يشترك رجلان فيما يشتريان بجاههما، وثقة التجار بهما من غير أن يكون لهما رأس مال، على أن ما اشترياه فهو بينهما على ما اتفقا عليه من مساواة، أو تفاضل، ويبيعان فما رزق الله تعالى من الربح، فهو بينهما على ما اتفقا عليه، فهو جائز، سواء عين أحدهما لصاحبه ما يشتريه، أو قال: ما اشتريت من شيء فهو بيننا، نص عليه، والربح بينهما على ما اشترطاه، وقال القاضي: الربح بينهما على قدر ملكيهما في المشترى، ولنا أنهما شريكان في المال فجاز تفاضلهما في الربح، مع تساويهما في الملك. انتهى.
وعلى هذا القول، فلا حرج في الشركة المذكورة باعتبار كونها شركة وجوه.
والله أعلم.