السؤال
في إطار سعينا لتوثيق كل ما نعلم عن ديننا الحنيف، فقد سمعت أحد معلمي التربية الإسلامية يقول: إن العبادة تقلل المصيبة، فهل العبادة تقلل المصيبة؟ وإن كانت كذلك، فنرجو إيراد بعض من أقوال السلف - جزاكم الله خيرًا، ونفع بكم، وأعانكم -.
في إطار سعينا لتوثيق كل ما نعلم عن ديننا الحنيف، فقد سمعت أحد معلمي التربية الإسلامية يقول: إن العبادة تقلل المصيبة، فهل العبادة تقلل المصيبة؟ وإن كانت كذلك، فنرجو إيراد بعض من أقوال السلف - جزاكم الله خيرًا، ونفع بكم، وأعانكم -.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعبادة قد تُخفف عن العبد المصائب، وتعينه إذا نزلت به.
جاء في تفسير ابن أبي حاتم - رحمه الله -: قَوْلهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ، عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا.. عَنْ قَتَادَة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا. قَالَ: والله مَا يضيع الله رَجُلاً قط حفظ له دينه.
وجاء فيه أيضًا: عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله: فلولا أنه كان من المسبحين. قال: ما كان إلا صلاة أحدثها في بطن الحوت، فذكر ذلك لقتادة - رضي الله عنه - فقال: لا، إنما كان يعمل في الرخاء. اهـ.
وقال ابن كثير: وقوله: {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون}، قيل: لولا ما تقدم له من العمل في الرخاء. قاله الضحاك بن قيس، وأبو العالية، ووهب بن منبه، وقتادة، وغير واحد، واختاره ابن جرير. وقد ورد في الحديث الذي سنورده ما يدل على ذلك إن صح الخبر.
وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن يزيد الرقاشي حدثه: أنه سمع أنس بن مالك - ولا أعلم إلا أن أنسًا يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -"أن يونس النبي صلى الله عليه وسلم حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات، وهو في بطن الحوت، فقال: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فأقبلت الدعوة تحف بالعرش، قالت الملائكة: يا رب، هذا صوت ضعيف، معروف، من بلاد بعيدة، غريبة؟ فقال: أما تعرفون ذلك؟ قالوا: يا رب، ومن هو؟ قال: عبدي يونس، قالوا: عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل، ودعوة مستجابة؟ قالوا: يا رب، أو لا ترحم ما كان يصنع في الرخاء، فتنجيه في البلاء؟ قال: بلى، فأمر الحوت فطرحه بالعراء. انتهى.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. أخرجه السيوطي في الجامع الصغير، وصححه الألباني.
وكان السلف إذا نزلت بهم المصائب بادروا العبادة؛ قال تعالى: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ. (المعارج:19-23) وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ. (البقرة: 153).
وروى أبو داود عن سالم بن أبي الجعد، قال: قال رجل: قال مسعر: أراه من خزاعة: ليتني صليت فاسترحت، فكأنهم عابوا عليه ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا بلال، أقم الصلاة أرحنا بها. صححه الألباني.
وعن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ. رواه مسلم.
وراجع الفتويين: 213220، 224212.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني