السؤال
لدي هواية أمارسها وقت الفراغ وهي ترجمة الأفلام، وأثناء الترجمة أتوقف وأراجع وأفكر في الجملة حتى أصغيها بأفضل طريقة ممكنة، وفي بعض الأحيان يحتوي النص على عبارات كفرية، وأعلم أن ناقل الكفر ليس بكافر، وإن لم ينقله لغرض شرعي فإنه يأثم، فما حكم التوقف عند الجملة والتفكير في صياغتها؟ أفكر في أفضل صياغة لها في ذهني وقد أقولها في داخلي، وفي البداية كنت أعتقد أن هذا إثم، ثم بعد ذلك اعتقد أنه ليس بإثم، لأنني اعتقدت أن الإنسان لا يحاسب على ما يقوله في نفسه، وإن كنت أعلم أن من يقول كلاما كفرياً بلسانه يكفر، وفي حالة حكمتم بكفري، فهل عليّ معرفة شروط لا إله إلا اللّه حتى أُسلم؟ أم يكفي معرفة معنى الشهادتين: أن لا معبود بحق إلا اللّه والتصديق الجازم من صميم القلب المواطئ لقول اللسان بأن محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب هو عبد اللّه ورسوله؟ وهل عليّ معرفة معنى كلمة أشهد؟. وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يجول في الخاطر من كلمات الكفر وعباراته، وحديث النفس بها، أو ما يسميه السائل: الحديث الداخلي، لا تترتب عليه المؤاخذة، فضلا عن الحكم بالكفر، ما دام اعتقاد المرء صحيحاً، فلا يقر بها، بل ينكرها ويحكم ببطلانها، وهذا يكون أوضح باعتبار قرينة الحال، كإرادة ترجمة الكلام والمفاضلة بين العبارات التي تؤدي معناه في لغة أخرى، وراجع الفتاوى التالية: 103156، 22623، 99234.
وهذا من حيث الجملة، ويبقى النظر في حكم ممارسة الهواية التي ذكرها السائل، فإن هذه الأفلام بها الكثير من المحظورات الشرعية التي توجب البعد عنها، والبحث عن طريقة أخرى لإثراء اللغة، وممارسة الترجمة، وهناك بفضل الله الكثير من الأفلام الوثائقية والندوات والمحاضرات التي يمكن ترجمتها، وراجع في حكم العمل في ترجمة العبارات الإلحادية، الفتوى: 118575.
وأما معنى الشهادة وشروط لا إله إلا الله: فتجب معرفتها من حيث الإجمال، وهي بحمد الله يسيرة، وموافقة للفطرة والعقل، وكثير من الناس يعتقدونها وإن كانوا لا يستطيعون سردها أو حتى التعبير عنها، وأما التفصيل والتأصيل والتنظير وحفظ الأدلة ونحو ذلك، فلا يجب على عموم المسلمين كباقي فروض الكفاية.
وأما معنى كلمة أشهد في الشهادتين: فيدور حول العلم والاعتقاد، ولها مراتب بعد ذلك، ذكرها ابن القيم في مدارج السالكين، فقال: فأول مراتبها: علم ومعرفة واعتقاد لصحة المشهود به وثبوته.
وثانيها: تكلمه بذلك ونطقه به، وإن لم يعلم به غيره، بل يتكلم به مع نفسه ويذكرها، وينطق بها أو يكتبها.
وثالثها: أن يعلم غيره بما شهد به، ويخبره به، ويبينه له.
ورابعها: أن يلزمه بمضمونها ويأمره به. اهـ.
وذكر مثل ذلك شارح الطحاوية، وقال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح كتاب التوحيد: معنى الشهادة في قولنا: أشهد أن لا إله إلا الله، شهادة علمية، ولهذا تضمن قوله: أشهدُ، العلمَ، والشهادة في اللغة والشرع، وفي تفاسير السلف لآي القرآن التي فيها لفظ: شهد ـ كقوله: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {آل عمران: 18} وكقوله: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ { الزخرف: 86} تتضمن أشياء.. وذكر نحو كلام ابن القيم السابق. وراجع للفائدة الفتويين: 168195، 5098.
والله أعلم.