الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من زوجت نفسها بدون ولي ثم تزوجت من آخر زواجا مكتمل الشروط قبل طلاق أو فسخ من الزواج الأول

السؤال

طلقت وأتممت العدة كاملة، وبعد ذلك تزوجت بعقد عرفي من شاب بنفسي من غير علم أهلي، وكان الإشهار للأصدقاء فقط، والآن تزوجت من رجل آخر زواجا شرعيا، مع العلم أن الشاب الأول لم يطلقني، ولا يريد أن يطلقني ويقول إنني زوجته، والزواج الشرعي باطل، مع العلم أنني أحب هذا الشاب، وسؤالي هو: هل أطلب الطلاق لأن هذا الزواج باطل؟ أم هو غير باطل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما أقدمت عليه السائلة من أوله إلى آخره ينبئ عن جهل مزر - لما لا يسوغ جهله لأي مسلم عاش في بلد مسلم - ورقة في الدين وعدم مبالاة بحدود الله عز وجل وإلا، فكيف يسوغ لمسلمة أن تقدم على الزواج وهي متزوجة إذا كانت تعتبر العرفي زواجا، وإذا كانت لا تعتبره زواجا فكيف تقدم عليه؟ هل تجهل المسلمة أنه لا يجوز بوجه من الوجوه أن تكون المرأة تحت رجلين, وهل تجهل المسلمة أن حفظ الأنساب والأعراض من المسلمات المتفق عليها، إنا ننصح السائلة بالتوبة إلى الله عز وجل مما أقدمت عليه من المنكرات، وأن لا تمكن أيا من الرجلين من نفسها، وأن تبادر إلى القاضي الشرعي ـ إن لم يتخل كل من الرجلين عنها طواعية ـ ولتعلم أنها أصبحت في وضعية معقدة للغاية، ولا يحسم أمرها إلا القضاء الشرعي، وذلك للخلاف المتشعب في ما يترتب على ما أقدمت عليه، فمن صحح من أهل العلم العقد العرفي كالحنفية: أبطل ما أسمته الشرعي، لصحة العرفي عندهم، ومثل الحنفية في بطلان الأخير المالكية والحنابلة، ومن صحح الأخير كالشافعية: أبطل العرفي، لعدم الولي، كما أبطله أيضا المالكية والحنابلة، أما فساد العقد العرفي: فلخلوه من الولي، كما هو ظاهر قولها: بعقد عرفي من شاب بنفسي من غير علم أهلي ـ وكما هو مقتضى إطلاق العرفي في مصر، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

وهو مذهب الجمهور خلافا للحنفية، وينظر تقرير ذلك في هاتين الفتويين: 111441، 129413.

وأما فساد العقد الأخير: فلاحتياج العقد الفاسد ـ العرفي ـ إلى فسخ أو طلاق عند الجمهور، خلافا للشافعية، قال الموفق في المغني: إذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها، وإذا امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه نص عليه أحمد... وإذا زوجت بآخر قبل التفريق لم يصح الثاني أيضا، وعلة ذلك كما قال: لأن تزويجها من غير تفريق يفضي إلى تسليط زوجين عليها، كل واحد منهما يعتقد أن نكاحه صحيح ونكاح الآخر الفاسد.

وينظر تقرير ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 80485، 182977، 181051.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني