الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم حصول الموظف على إجازة مرضية مدفوعة الراتب مع عدم غيابه عن العمل

السؤال

ذهبت إلى شركة التأمين لكسر في ذراعي منذ عشرة شهور، وهم يعطونني إجازة مدفوعة الراتب من قبل شركة التأمين الطبي، مع أنني أداوم في العمل دون انقطاع، وأتقاضى راتبًا من الشركة أيضًا، فهل هذا يجوز أم لا؟ مع أن الطبيب الذي يعطيني الإجازة يعلم أنني أداوم، وفي حالة أنه لا يجوز فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك الشفاء العاجل، والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

فالأصل العام في الشركات أن الأجير الخاص لا يتقاضى راتبين في حالة مرضه وإجازته، إلا في حالات استثنائية، وبشروط خاصة، والذي يظهر لنا في حالة السائل أن الشروط التي تجيز له الجمع بين الراتب الأصلي وراتب التعويض الصحي شرعًا خمسة:

1ـ ألا يكون عملك أثناء الإجازة المرضية يمنع الشفاء، أو يؤخر البرء؛ لحديث: لا ضرر ولا ضرار. وهذا هو يرجع إلى تقدير الطبيب الثقة، وحالة المريض، وقولك:(إن الطبيب الذي منحك الإجازة الطبية يعلم أنك قائم على رأس عملك)، يدل على إقراره لوضعك حسبما يبدو له من حالك.

2ـ أن يكون التأمين الدافع لراتب التعويض تعاونيًا، فإن كان تجاريًا فلا يجوز الانتفاع منه إلا بقدر ما تم دفعه له؛ لأنه من باب استرداد الحق.

3ـ أن يكون الطبيب ثقة أمينًا، لا يعطي الإجازة المرضية إلا لمستحق؛ وذلك لأن إمكانية الجمع بين الإجازة المرضية والعمل دون تأثير سلبي على العلاج خلاف الأصل، فمنحه الإجازة مع استغنائه عنها، وعلم الطبيب بعمله مظنة الريبة والخطأ، والطبيب أمين على عمله، وعلى أموال التعويض، فإن كان الطبيب مفرطًا كان ضامنًا لأموال التعويض، وانظر في التعويضات المالية المرضية غير المستحقة الفتوى: 225646.

4ـ ألا يؤثر مرضك على مستوى إنتاجك التعاقدي؛ لأن الأصل في التعاقد سلامة العامل، فإذا ضعف إنتاجه عن المتوسط العام، فعليه بيان حاله للشركة، هذا مقتضى الأمانة، والأجير الخاص أمين، وعيوب الأجير الخاص تخضع لأحكام عقد العمل مع الشركة؛ لأن المسلمين على شروطهم، كما قال النّبيّ صَلَى اللّه عليه وسَلّم.

5ـ إعلام الشركة بالأمر؛ لأنها المسؤولة عن تقييم مستوى إنتاجك الوظيفي، وتأمينك الصحي، والتأكد من استحقاقك للإجازة، والتعويض المادي، خاصة أن الجاري في أنظمة الشركات في مثل هذه الحالات العرضية هي إعطاء جزء من قيمة الراتب الأصلي للقائم بهذا العمل كموظف احتياطي، لا الراتب الأصلي ، فإذا أقرتك إدارة الشركة على وضعك، فالأمر إليها فهو حقها لا يعدوها، وإن لم تقرّك لمخالفتك أنظمة العمل المتعاقد عليها فتكون ضامنًا لما أخذته بغير استحقاق تعاقدي؛ لأن الأجير الخاص ضامن إذا خالف أنظمة وشروط العمل المتعاقد عليها؛ لأن الشروط مقاطع الحقوق.

فإذا توفرت هذه الشروط فلا نجد حرجًا شرعًا من تقاضي الموظف كلا الراتبين معًا؛ لاستقلال سبب كل راتب عن الآخر، كما لو عمل في الشركة وقت إجازته المأجورة بأجر، أو تقاضى راتبه سواه فيها، أو عمل في إجازته عند غير شركته فتقاضى راتبين، فليست منافعه في إجازته ملكًا لجهة عمله الأصلية، كما بيناه في الفتوى: 75279، وقد بينا مع الشروط ما ينبغي عليك فعله عن اختلالها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني