السؤال
أنا إمام مسجد، وأجهل الكثير حول مسألة الصلاة جالساً للإمام أو المأموم.
أرجو أن تفصلوا هذه الحالات: حالات الصلاة جالسا للإمام والمأموم، ما الذي يجب فعله وما الذي يجب تركه؟
ومتى يشرع الجلوس ومتى يحرم؟
أريد شرحا مفصلا كافيا بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإمام المسجد إذا كان عاجزا عن القيام، أو الركوع، أو القعود أو السجود فإنه ينبغي له أن ينيب غيره ممن هو قادر على تلك الأركان، ولا ينبغي له أن يؤم المصلين حال عجزه مراعاة لقول من يمنع من صحة إمامة العاجز للقادر، ولو كان إمام المسجد.
قال ابن قدامة في المغني: الْمُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا مَرِضَ، وَعَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ، أَنْ يَسْتَخْلِفَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ، فَيَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ؛ وَلِأَنَّ صَلَاةَ الْقَائِمِ أَكْمَل، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ كَامِلَ الصَّلَاةِ ... اهــ.
والعلماء مختلفون في صحة إمامة العاجز للقادر, وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى رقم: 7834, والفتوى رقم: 226591، والفتوى رقم: 218224.
وعلى القول بالجواز، فإن الإمام إذا ابتدأ بهم الصلاة جالسا، فإنهم يصلون خلفه جلوسا من أول الصلاة, وإذا ابتدأ بهم الصلاة قائما، ثم اعتل فجلس أثناء الصلاة، أتموا الصلاة خلفه قياما ولا يجلسون, وهذا مذهب الحنابلة, وعند الشافعية يصلون وراءه قياما مطلقا سواء جلس الإمام من أول الصلاة أو أثناءها, ونرجو أن لا حرج على المأمومين في الأخذ بأحد هذين القولين.
وكيفية الصلاة قعودا أن يكون المصلي – إماما أو مأموما - متربعا، ويثني رجليه عند الركوع والسجود, وهذا مستحب وليس واجبا، ولو جلس على هيئة أخرى جاز.
قال ابن قدامة في المغني: وَيَكُونُ فِي حَالِ الْقِيَامِ مُتَرَبِّعًا، وَيَثْنِي رِجْلَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ .... وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ صِفَةِ الْجُلُوسِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ، إذْ لَمْ يَرِدْ بِإِيجَابِهِ دَلِيلٌ ... اهــ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: وَاخْتَلَفُوا فِي هَيْئَةِ الْجُلُوسِ إِذَا عَجَزَ الْمُصَلِّي عَنِ الْقِيَامِ كَيْفَ يَقْعُدُ؟ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَعَدَ الْمَعْذُورُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ مُتَرَبِّعًا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ, وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ - فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ وَهِيَ مَا صَحَّحَهَا الْعَيْنِيُّ - أَنَّ الْمَعْذُورَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ يَجْلِسُ كَيْفَمَا شَاءَ؛ لأِنَّ عُذْرَ الْمَرَضِ يُسْقِطُ الأْرْكَانَ عَنْهُ، فَلأَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ الْهَيْئَاتِ أَوْلَى, وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ، وَإِذَا رَكَعَ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا, وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْظْهَرِ مِنَ الْقَوْلَيْنِ - وَهُوَ قَوْل زُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - أَنَّهُ يَقْعُدُ مُفْتَرِشًا, وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ - وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ - أَنَّ الْمَعْذُورَ يَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ. اهــ.
وأما متى يشرع الجلوس في الصلاة فقد بينا في الفتوى رقم: 187327 أن مسوغات الجلوس في صلاة الفريضة هي عدم القدرة على القيام، أو خوف زيادة المرض، أو تأخر البرء منه، أو حصول مشقة غير محتملة في القيام، فعندها يجوز للمصلي أن يصلي الفريضة جالسا، وانظر المزيد في الفتوى المشار إليها.
والله تعالى أعلم.