الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يحكم ببلوغ الصبي إن شك في ذلك، ففي الروض المربع: وَلاَ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ إِنْ شُكَّ فِيهِ، لأن الأصل عدمه. انتهى.
فإن كنت شاكا في بلوغك ولم تتذكر شيئا من علامات البلوغ فلا يلزمك قضاء أي رمضان لم تتيقن أنك صرت فيه بالغا، وانظر تفصيل ذلك في هذه الفتوى: 103637.
وأما إذا تيقنت أنك كنت بالغا ولم تصم، فيجب عليك قضاء ما أفطرته، فقد جاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ حيث سئل فضيلته: من أفطر أياماً من رمضان لغير عذر، وإنما جهلاً منه بوجوب صيام الشهر كله فماذا يلزمه؟ فأجاب فضيلته بقوله: يلزمه القضاء، لأن عدم علم الإنسان بالوجوب لا يسقط الواجب، وإنما يسقط الإثم، فهذا الرجل ليس عليه إثم فيما أفطره، لأنه جاهل، ولكن عليه القضاء. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 35393.
واعلم ان للبلوغ علامات غير إنزال المني بيناها بالفتوى رقم: 10024، فإن كان بلوغك قد حصل بشيء من هذه العلامات فالحكم هو ما تقدم من وجوب القضاء لما تتيقن أنك أفطرته بعد البلوغ.
وأما ما تفعله من عرض عورتك على الفتيات عبر الإنترنت: فهو أمر قبيح ومحرم، وليس ذلك من التعفف في شيء، فاتق الله وابتعد عن تلك المحادثات وما يصحبها من كشف العورات، وكذلك ما يتبعها من الاستمناء، فإنه لا يجوز لأدلة ذكرناها في الفتوى رقم: 2179.
واعلم أن الغسل من الجنابة واجب على من أصابته الجنابة، وأنه لا يُجزئه غير الغسل إذا قدرَ عليه، فإن لم يستطع استعمال الماء كأن يخاف الضرر أو المرض بسبب البرد، فإنه يتيمم حتى يزول عذره، لقوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا {المائدة: 6}.
والمعجوز عنه في حكم المفقود، فإذا زال عذره وجب التطهر بالماء.
وعليه؛ فإذا كان يمكنك أن تسخن الماء قبل خروج وقت الصلاة أو تغتسل به باردا دون أن يكون عليك في ذلك ضرر فلم تفعل وصليت جنباً، فعليك أن تعيد الصلاة، لأنك صليتها بغير طهارة ولم يكن لك عذر، أما إن كنت لم تقدر على شيء من ذلك وخشيت أن يخرج الوقت فصليت بالتيمم فقد سقط عنك الفرض، ولا تلزمك الإعادة، كما هو الراجح من أقوال أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 6229.
والتيمم رخصة لا تناط بالمعاصي عند كثير من أهل العلم، فيرخص هنا لمن احتلم أن يتيمم على التفصيل السابق، وأما من استمنى فيخشى أنه داخل في هذه القاعدة أن الرخص لا تناط بالمعاصي، فقد قال الزركشي ـ رحمه الله تعالى ـ في المنثور في القواعد الفقهية: مَعْنَى قَوْلِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الرُّخَصَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي أَنَّ فِعْلَ الرُّخْصَةِ مَتَى تَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ نُظِرَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَإِنْ كَانَ تَعَاطِيهِ فِي نَفْسِهِ حَرَامًا امْتَنَعَ مَعَهُ فِعْلُ الرُّخْصَةِ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى.
والمخرج لمن وقع في معصية توقفت الرخصة عليها أن يتوب من تلك المعصية أولا، ثم يأخذ بالرخصة بعد ذلك، فقد نقل السيوطي في الأشباه والنظائر عن القفال في شرح التلخيص قوله: لَوْ سَافَرَ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ فَجُرِحَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ لِذَلِكَ الْجُرْح، مَعَ أَنَّ الْحَاضِرَ الْجَرِيحَ يَجُوزُ لَهُ، فَإِنْ قِيلَ: تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ وَالتَّيَمُّمِ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ، فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِبَاحَتِهِ بِالتَّوْبَةِ. انْتَهَى.
وننبهكِ إلى أنه يجب عليك قضاء الصلوات التي أديتها على وجه غير صحيح بأن كانت فاقدة لشرط أو ركن، ونصيحتنا لك أن تستغل أوقاتك في الأعمال الصالحة كذكر الله ولزوم الاستغفار وقراءة القرآن والإكثار من الصلوات، مع القيام ببعض الأعمال البدنية النافعة التي تقضي على أوقات الفراغ، وتستهلك الطاقة، وكذلك الحرص على مجالسة الأخيار وعدم الانفراد قدر الإمكان، وأن تذهب إلى طبيب نفسي, مستعينًا بالله عز وجل متوكلًا عليه، وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 171171، ورقم: 194891.
والله أعلم.