السؤال
أمتلك شقة أستعملها كمكتب لعملي، وأريد أن أبيعها، ولكن يمنعني من البيع عدم توفر مقر أو مكتب بديل أستعمله. فالرغبة في البيع قائمة ولكن ما دمت لا أجد مقرا آخر لا أستطيع البيع. مع العلم أن الوالد قد كتب لي هذه الشقة هبة، مع الاتفاق على أن أسدد له حال بيعها مبلغا كان قد استدانه لشرائها.
فهل علي زكاة هذا العقار؟ وهل يؤخذ بهذا الدين عند تقييمي لمبلغ الزكاة أم لا؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا زكاة عليك في هذا العقار؛ حيث إنك لم تمتلكه بنية التجارة - كما يظهر من حالك في السؤال - بل إنك لم تنو بيعه بعد، وإنما ترغب في ذلك مستقبلا عند وجود بديل له.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين: أن يملكه بفعله كالبيع. والثاني: أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة. انتهى.
وفي الروض المربع ممزوجا بمتن زاد المستقنع، وهو يذكر زكاة العروض: (فإن ملكها بـ) غير فعله كـ(إرث أو) ملكها (بفعله بغير نية التجارة ثم نواها)، (لم تصر لها) أي للتجارة؛ لأنها خلاف الأصل في العروض. اهـ.
وكذلك ينظر في السبب الحامل على بيع الشقة هل هو نية التجارة أم الرغبة عنها؟ فإن كان السبب هو الرغبة عنها، فلا زكاة فيها. وأما إن كان السبب هو نية التجارة فلا تجب الزكاة أيضا؛ لعدم وجود نية التجارة عند تملكها كما سبق، وإن كان هناك من قال بالوجوب.
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع: فإن كان عنده سيارة يستعملها، ثم بدا له أن يبيعها، فلا تكون للتجارة؛ لأن بيعه هنا ليس للتجارة، ولكن لرغبته عنها، ومثله: لو كان عنده أرض اشتراها للبناء عليها، ثم بدا له أن يبيعها ويشتري سواها، وعرضها للبيع فإنها لا تكون للتجارة؛ لأن نية البيع هنا ليست للتكسب بل لرغبته عنها. فهناك فرق بين شخص يجعلها رأس مال يتجر بها، وشخص عدل عن هذا الشيء ورغب عنه، وأراد أن يبيعه، فالصورة الأولى فيها الزكاة على القول الراجح، والثانية لا زكاة فيها. أما على ما مشى عليه المؤلف ـ رحمه الله ـ فإنه لا زكاة. اهـ.
وأما بخصوص الدين، فجمهور العلماء على أنه يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة ومنها عروض التجارة. وراجع بشأن ذلك الفتوى رقم: 47139.
والله أعلم.