السؤال
ما حكم أن أدخل المسجد وأجلس قرب النافذة تحريا للهواء البارد، حتى أستطيع الخشوع ولا أمل، وأن أكون في الصف الثاني دون تمام الصف الأول، مع العلم أن الصف الأول سوف يتم ملؤه من قبل غيري، نحن نصلي مقدار صفين أو ثلاثة في مكان ضيق مخصص للنساء؟
ما حكم أن أدخل المسجد وأجلس قرب النافذة تحريا للهواء البارد، حتى أستطيع الخشوع ولا أمل، وأن أكون في الصف الثاني دون تمام الصف الأول، مع العلم أن الصف الأول سوف يتم ملؤه من قبل غيري، نحن نصلي مقدار صفين أو ثلاثة في مكان ضيق مخصص للنساء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة المنفرد خلف الصفوف دون عذر صحيحة مع الكراهة، وتنتفي الكراهة بوجود العذر، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وذهب الحنابلة إلى أنه تبطل صلاة من صلى وحده ركعة كاملة خلف الصف منفرداً دون عذر.
فعلى الراجح من مذهب الجمهور أن الصلاة خلف الصف لمنفرد تجوز مع الكراهة، وقد يقال بنفي الكراهة لأجل تحصيل الخشوع بتحري الهواء البارد؛ فقد ذكر بعض الفقهاء أن كراهة العبث في الصلاة المنافية للخشوع تنتفي بدفع مضرة الحر المنافي للخشوع.
فقد جاء في تحفة المحتاج من كتب الشافعية: ( وَ ) يُسَنُّ ( الْخُشُوعُ ) فِي كُلِّ صَلاتِهِ بِقَلْبِهِ، بِأَنْ لا يَحْضُرَ فِيهِ غَيْرُ مَا هُوَ فِيهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالآخِرَةِ، وَبِجَوَارِحِهِ بِأَنْ لا يَعْبَثَ بِأَحَدِهَا ... إلى أن قال: فَيُكْرَهُ الاسْتِرْسَالُ مَعَ حَدِيثِ النَّفْسِ، وَالْعَبَثِ كَتَسْوِيَةِ رِدَائِهِ أَوْ عِمَامَتِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنْ تَحَصُّلِ سُنَّةٍ، أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ. قال الشرواني في حاشيته على التحفة: قَوْلُهُ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ ) أَيْ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ. انتهى.
وأما إذا كان الحر يسيرا لا يُذهب الخشوع، فيكره الانفراد خلف الصف؛ كما سبق.
ويستوي في هذا الحكم الرجال مع الرجال، والنساء مع النساء؛ كما هو ظاهر كلام ابن القيم -رحمه الله تعالى- حيث قال في إعلام الموقعين: وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّ السُّنَّةَ وُقُوفُهَا فَذَّةً إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ امْرَأَةٌ تَقِفُ مَعَهَا؛ لِأَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْ مُصَافَّةِ الرِّجَالِ، فَمَوْقِفُهَا الْمَشْرُوعُ أَنْ تَكُونَ خَلْفَ الصَّفِّ فَذَّةً، وَمَوْقِفُ الرَّجُلِ الْمَشْرُوعِ أَنْ يَكُونَ فِي الصَّفِّ، فَقِيَاسُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مِنْ أَبْطَلْ الْقِيَاسِ وَأَفْسَدِهِ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَشْرُوعِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْرُوعِ. فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ كَانَ مَعَهَا نِسَاءٌ وَوَقَفَتْ وَحْدَهَا صَحَّتْ صَلَاتُهَا، قِيلَ: هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، بَلْ إذَا كَانَ صَفُّ النِّسَاءِ فَحُكْمُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فِي كَوْنِهَا فَذَّةً كَحُكْمِ الرَّجُلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَفِّ الرِّجَالِ .... انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 130775.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني