الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من تصوَّرت للضرورة فهل يتعين عليها أن يصورها محرمها أم يجوز لها الذهاب للاستديو؟

السؤال

إذا احتاجت المرأة أن تصوَّر صورة لضرورة - وليس للذكرى- فإنها تذهب لاستديو، لكنها لا تضمن أن يطلعَ الرجال عليها للتحميض، وذلك يحدث حتى في صالات التصوير النسائية, ويُنقل بمحمول, ويُرفع للنت, فهل يجوز لها بدلًا من ذلك أن يصورها بحجابها الصحيح: زوجها أو محرمها، أو أمها، أو أختها بكاميرا محمول جيدة، وخلفية وإضاءة جيدة، ولا تهتز يد المصور؛ لتُطبَع من المِيموري مباشرة بعد نقل الصورة من المحمول لللميموري, ولا تنقل للكمبيوتر الذي يطبع بورق جُلوسي أو فوتو، وتمسح من المحمول والميموري بعدها مباشرة؛ لسد ذريعة نظر الرجال للتحميض والطبع، وتجنب انتشار صورتها بالمحمول والنت بين الرجال بكل مكان, وربما تم التشهير بها، وتركيب صورتها على جسم امرأة عارية, أيجوز تلافي الذهاب لاستديو ليصورَها زوجها، أو محرمها، أو أمها أو أختها بالكيفية المذكورة أم إنه يصل للوجوب، وتأثم المرأة إن لم تفعله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في حكم التصوير الفوتوغرافي، والراجح عندنا جوازه ما لم يشتمل على أمر محرم، كما قدمنا في الفتويين التاليتين: 14967، 73504.

أمّا تفادي المرأة اطلاع الرجال الأجانب في التحميض أو الطبع، بتصوير زوجها أو أمها لها بالجوال، فهو الأولى بلا شك؛ لما فيه من حمايتها من النظر إليها وإلى صورتها، ولمنع ما قد يحصل من عبث العابثين بصورتها.

وأما عن وجوبه، فإن من يرى وجوب ستر وجه المرأة عن الأجانب، فإنه لا يجيز كشف وجهها في هذه الحالة؛ لما ذكرت من أنه يمكن الاستغناء عن الذهاب للاستديو.

وأما من يرى جواز كشف المرأة وجهها أمام الأجانب، فلا حرج عنده في هذا بشرط أمن الفتنة، وألا ينظر الأجنبي إليها بشهوة؛ وقد سبق بيان الخلاف في تغطية الوجه في الفتوى: 50794.

والذي نرى رجحانه هو الوجوب؛ لما بينا في الفتويين التاليتين: 4470، 5224.

وإذا كانت هناك حاجة لنظر الأجنبي لوجه المرأة، فإنه يجوز النظر للحاجة إن أمنت الفتنة، كما قال البهوتي - رحمه الله - في الروض المربع: ولشاهد، ومعامل نظر وجه مشهود عليها ومن تعامله، وكفيها، لحاجة. اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها ... وإن عامل امرأة في بيع أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة أو يستغني عن المعاملة، فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس. اهـ.

وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: قال الشيخ تقي الدين - رحمه الله -: هل يحرم النظر إلى وجه الأجنبية لغير حاجة؟ رواية عن الإمام أحمد: يكره ولا يحرم, وقال ابن عقيل: لا يحرم النظر إلى وجه الأجنبية إذا أمن الفتنة. انتهى. قلت: وهذا الذي لا يسع الناس غيره، خصوصًا للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم. انتهى.

ويحرم نظر الوجه بشهوة، وعند خوف الفتنة حتى عند من يقول إنه ليس بعورة، كما يحرم نظر المستور من جسمها بشهوة, بل يحرم نظر المحارم بشهوة وعند خوف الفتنة.

قال ابن عبد البر- رحمه الله- في التمهيد: وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟ اهـ.

وقال ابن تيمية: اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِشَهْوَةِ. انتهى.

وقال الشربيني: أما النظر بشهوة فحرام قطعًا لكل منظور إليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته. اهـ.

ولمزيد الفائدة راجع الفتوى: 111143.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني