السؤال
يقول العلماء في القصاص: أن يكون الطرف مساويا للطرف، فلا يؤخذ صحيح بأشل، ولا كامل الأصابع بناقصها، فما الحل في كلتا الحالتين ـ أي إذا قطع رجل يد رجل اليمنى وهي شلاء ويد القاطع اليمنى صحيحة؟ وإذا قطع صاحب اليمنى الشلاء يمين رجل آخر صحيحة، فهل تقطع الشلاء بالصحيحة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي تفاصيل هاتين المسألتين خلاف بين العلم، وسننتقي طرفا مما لهم فيهما من الخلاف ولا نحصره، أما المالكية: فليس لديهم في الشلاء مطلقا جانية كانت أو مجنيا عليها إلا العقل ـ الدية أو الحكومة ـ قال خليل: كذي شلاء عدمت النفع بصحيحة وبالعكس ـ قال الخرشي موضحا: تشبيه في لزوم العقل دية أو حكومة وعدم القصاص، والمعنى الذي يده شلاء عادمة النفع إذا قطع يد شخص صحيح اليد فإن الشلاء لا تقطع بالصحيحة لعدم المماثلة ولو رضي صاحب الصحيحة بذلك، وكذلك لا تقطع اليد الصحيحة باليد الشلاء لعدم المماثلة، ومفهوم عدمت النفع أنها لو كان بها نفع لا يكون الحكم كذلك، والحكم أنها كالصحيحة في الجناية لها وعليها، وبه صرح المواق. اهـ.
وأما الشافعية: فكذلك لا تأخذ الصحيحة عندهم بالشلاء، بل في الشلاء الحكومة، أما العكس وهو الشلاء بالصحيحة ففيها العقل كذلك؛ إلا إذا رضي بها المجني عليه ولم يكن في قطعها ضرر على الجاني فيجوز القصاص، قال في البيان: وإن قطع من له يد صحيحة يداً شلاء.. لم يكن للمجني عليه أن يقتص، بل له الحكومة.
وقال الشيرازي في المهذب: ولا تؤخذ يد صحيحة بيد شلاء، ولا رجل صحيحة برجل شلاء، لأنه يأخذ فوق حقه، وإن أراد المجني عليه أن يأخذ الشلاء بالصحيحة نظرت، فإن قال أهل الخبرة إنه إن قطع لم تنسد العروق ودخل الهواء إلى البدن وخيف عليه لم يجز أن يقتص منه، لأنه يأخذ نفسا بطرف، وإن قالوا لا يخاف عليه فله أن يقتص، لأنه يأخذ دون حقه.
أما الحنابلة: فمذهبهم نظير مذهب الشافعية، قال في الكافي: ولا تؤخذ صحيحة بشلاء، لأنها فوق حقه، فأما الشلاء بالصحيحة، أو بالشلاء، فإن قال أهل الخبرة: لا يخاف عليه، اقتص، لأنه يأخذ حقه، أو دونه ولا أرش بالشلل، لأن الشلاء كالصحيحة في الخلقة، وإنما نقصت في الصفة، فأشبه الذمي مع المسلم، وإن قالوا: إن قطعت، خيف ألا تنسد العروق، ويدخل الهواء البدن فيفسد، لم يجز أن يقتص، لخوف الزيادة.
والله أعلم.