السؤال
ما هو الحكم الشرعي في رجل سافر فجمع وقصر صلاة الظهر والعصر في وقت الظهر، ثم نزل في وقت العصر ودخل أحد المساجد ليقضي حاجته وتحرج أن يخرج من المسجد حتى لا يظن الناس به سوءا، ودون أن يقدمه أحد صلى بالمقيمين فيه إماما وادعى أنها ستحسب له نافلة؟.
ما هو الحكم الشرعي في رجل سافر فجمع وقصر صلاة الظهر والعصر في وقت الظهر، ثم نزل في وقت العصر ودخل أحد المساجد ليقضي حاجته وتحرج أن يخرج من المسجد حتى لا يظن الناس به سوءا، ودون أن يقدمه أحد صلى بالمقيمين فيه إماما وادعى أنها ستحسب له نافلة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن منع الصلاة بعد العصر مختلف في وقته بين أهل العلم، ومذهب الجماهير أنه ينهى عن الصلاة بعد العصر مطلقا، وقيده بعض العلماء بما إذا تضيفت الشمس للغروب، وانظر الفتوى رقم: 126372.
فعلى القول بجواز الصلاة ـ والحال هذه ـ فلا إشكال، وأما على قول الجماهير بمنع الصلاة بعد العصر مطلقا، فلم يكن يجوز لهذا الرجل أن يقدم على ما فعل، لأن وقت النهي يدخل بالفراغ من صلاة العصر ولو كانت مجموعة مع ما قبلها، قال في الإنصاف: لو جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ الْأُولَى مُنِعَ مِنْ التَّطَوُّعِ الْمُطْلَق. انتهى.
وما دامت صلاة هذا الرجل ـ والحال ما ذكر ـ من التطوع المطلق، فإحرامه بها غير منعقد، قال في الروض المربع: ويحرم تطوع بغيرها ـ أي غير المتقدمات ـ من إعادة جماعة، وركعتي طواف، وركعتي فجر قبلها، في شيءٍ من الأوقات الخمسة.... ولا ينعقد النفل إن ابتدأه في هذه الأوقات ولو جاهلا.. انتهى.
وأما من صلى خلفه غير عالم بحاله: فصلاته صحيحة ـ إن شاء الله ـ فإن هذا من الأعذار التي تخفى، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، قال الشيخ زكريا الأنصاري ـ رحمه الله ـ في أسنى المطالب: إذَا بَانَ لِلْمَأْمُومِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ حَدَثُ إمَامِهِ، أَوْ تَنَجُّسُهُ وَلَوْ بِنَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ فَارَقَهُ وُجُوبًا، لِعِلْمِهِ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يُغْنِي عَنْ الْمُفَارَقَةِ تَرْكُ الْمُتَابَعَةِ قَطْعًا، بَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ خَلْفَ مَنْ عَلِمَ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ، أَوْ بِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَقْضِ صَلَاتَهُ، لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ مِنْهُ، وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرَةَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ وَأَحْرَمَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ كَمَا أَنْتُمْ، ثُمَّ خَرَجَ وَاغْتَسَلَ وَرَجَعَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني