الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في تدقيق النظر في الرجال والنساء

السؤال

فضيلة الشيخ: أنا شاب مغربي عمري 20 سنة، ولدي مشكلتان: الأولى تكمن في عملي، ففي مجال عملي يجب علي أن أدقق النظر في كل شخص، وفي كثير من الأحيان أرى بعض النساء غير متحجبات يلبسن لباساً غير محتشم، وذلك الذي يثير غيظي ويحز في نفسي كثيراً، فأنا أريد أن أعيش حياتي في طاعة الله ورسوله، فكرت في ترك العمل، لكن قصر ذات اليد هو الذي يجبرني على البقاء، مع أنني أتعرض لذلك كثيرا، فماذا أفعل يا شيخنا الكريم؟.
أما مشكلتي الثانية: فهي أنني طول حياتي أتمنى أن أموت شهيداً أدافع عن فلسطين، وما يعيق ذهابي هو دين على أبي، فقد أصبح عجوزاً وأخاف أن يموت وفي رقبته ذلك الدين، فبماذا تنصحني يا سيدي الفاضل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على حرصك على أن تعيش حياتك على طاعة الله ورسوله، حقق الله لك ذلك ورزقك الثبات عليه حتى تلقاه على خاتمة حسنة، وذلك على الله يسير، وهذا العمل الذي ذكرته بالجزء الأول من سؤالك إن كنت تقصد به أن طبيعة العمل تقتضي التدقيق في النظر لكل أحد بمن في ذلك النساء، فهذا العمل محرم، فالمسلم مطالب شرعا بغض البصر، كما قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}.

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاسترسال في النظر المحرم، ففي سنن أبي داود عن جرير ـ رضي الله عنه ـ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة؟ فقال: اصرف بصرك.

وفي هذه الحالة يجب عليك ترك هذا العمل والبحث عن غيره، فإن لم تجد وكنت في حاجة إليه جاز لك الاستمرار فيه، فإذا وجدت غيره وجب عليك ترك هذا العمل، وإن كنت تقصد أنك قد تنظر إلى النساء وليس ذلك من طبيعة عملك فلا يحرم هذا العمل، ولكن يجب عليك أن تجتهد في صرف بصرك، واستشعار رقابة الله تعالى من أعظم ما يعين على ذلك. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 71122.

واحرص على الاجتهاد في البحث عن عمل تجتنب به أسباب الفتن، وهذا فيما يتعلق بالجزء الأول من سؤالك.

وأما الجزء الثاني: فجوابه أن من الأمور الحسنة تمني الشهادة في سبيل الله، ونسأل الله أن يحقق لك ذلك، ونبشرك بما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن سهل بن حنيف ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: من سأل الله الشهادة بصدق من قلبه بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه.

فإذا لم تتيسر لك أسباب الجهاد فلا تبخل على إخوانك هناك بالدعاء فهم أحوج ما يكونون إلى دعوات صالحة من إخوانهم المسلمين، بالإضافة إلى ما يمكن مساعدتهم به من مساعدات مادية يساعد بها المحتاج وتكفل بها الأرامل والأيتام ونحو ذلك، ولا يجب على الولد سداد دين الأب، وإذا كان قادرا فالأولى به سداده، فإن هذا من البر به، ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 81076.

والذي نوصيك به أن تحرص على البر بأبيك، فإنه نوع من الجهاد وخاصة مع ضعفه وحاجته، روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال: أحي والداك؟ قال نعم، قال: ففيهما فجاهد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني