السؤال
أنا شاب مصري عمري 26 عامًا, وأعمل في إحدى دول الخليج, وأنا حديث الزواج, وإجازتي شهر كل عام, ولا أستطيع أن آتي بزوجتي لتعيش معي في بلد عملي, وقد تعبت من الغربة والبعد عن الأهل والوالدين والإخوة والأصدقاء وزوجتي, وقد قررت العودة إلى بلدي والعمل بها, وعدم العودة إلى الغربة مرة أخرى, ولكن بعض الأشخاص يقولون لي: إني بذلك أقطع رزقي, ولا آخذ بالأسباب, وأتمرد على قضاء الله, فهل ذلك صحيح؟ وهل البعد عن الأهل والزوجة لأحد عشر شهرًا كل عام من الأخذ بالأسباب؟ وهل البعد عن الزوجة والأم والأولاد أخذ بالأسباب؟ فأنا لا أريد مالًا كثيرًا, ولكني أريد العيش مع أهلي والأولاد وزوجتي وأصدقائي, وأريد أن أعيش في بلدي, ورزقي على الله, والغربة فوق طاقتي, ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها, فأتمنى الإجابة عن أسئلتي, وإعطائي رأي الدين في موضوعي, علمًا أنني قررت ترك عملي في هذه الدولة الخليجية بعد أربعة أشهر, فأرجو إعطائي رأي الدين قبل عودتي إلى بلدي, ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تريده من العودة إلى بلدك وأهلك ليس فيه ترك للأخذ بالأسباب، فإن الأسباب ليست محصورة في العمل خارج البلد, وأنت ستأخذ بأسباب الرزق في بلدك، وليس ذلك من التمرد على قضاء الله, أو عدم الرضا به، فإن الرضا بالقضاء لا ينافي الأخذ بالأسباب، وما دمت تجد الكفاية في بلدك فالأولى ألا تتغرب عن أهلك, لا سيما إذا طالت مدة غيابك عنهم، قال ابن عبد البر - رحمه الله -: وفي هذا الحديث دليل على أن طول التغرب عن الأهل لغير حاجة وكيدة من دين أو دنيا لا يصلح ولا يجوز, وأن من انقضت حاجته لزمه الاستعجال إلى أهله.
ولا ريب في أن إقامة الرجل مع زوجته وأولاده تشتمل على مصالح شرعية واجتماعية ونفسية، قال الشيخ عطية صقر - رحمه الله - في فتاوى دار الإفتاء المصرية: فإني أيضًا أنصح الزوج بألا يتمادى في البعد، فإن الذي ينفقه حين يعود إليها في فترات قريبة سيوفر لها ولأولاده سعادة نفسية, وعصمة خلقية لا توفرها المادة التي سافر من أجلها.
والله أعلم.