السؤال
ذات مرة كنت في غرفة من غرف بيتي، وجاءني إحساس بأنني سأكون في راحة أكثر لو نمت مع أطفالي في هذه الغرفة الليلة، ومر هذا الشعور، ولم أكن أفكر بتاتاً في أمر النوم في هذه الغرفة، فالشعور جاء فجأة وذهب، ثم صرفتُ ذهني عن الأمر، فبدأت بعد ذلك أفكر في هل أتبع هذا الإحساس أو لا؟ ولم أقرر تغيير غرفة النوم، فجاءني إحساس بأن الليلة سيحصل أمر سيئ في الغرفة التي ننام فيها عادة، ولم أنتبه للإحساس، واستمر يومي، وفعلاً نمنا في الغرفة المعتادة، وفي الليل استيقظت على لسعات النمل، فأشعلت الضوء، فوجدت نملاً كثيرًا ملتفاً حولي وحول أطفالي في السرير، ووجدته في الأرض أيضاً، فحملت الأطفال وغيَّرنا الغرفة، وذهبنا ننام في الغرفة التي جاءني الشعور عنها في النهار، سبحان الله، وكانت غرفة نوم ثانية في البيت خاصة بالزوج، لكنه غائب، فتأكدتُ أن ما حصل معي غير عادي، وهذا يحصل معي كثيراً، لكنني لا أعير الأمر أهمية، بل حتى أقوم بعكس ما أشعر به، لكنني أجد فيما بعد أن الأمر كان كما جاء في الشعور.
سؤالي: هل تنصحوني في أي وقت جاءني هذا الإحساس، بالتحذير من أمر، أو بالحث على أمر، أن آخذ به وأنفذه أم لا؟ لأني أخاف أن يكون ذلك من الشياطين.
أنا على مذهب أهل السنة والجماعة ولله الحمد، وأؤدي الفرائض، وأجتنب المحرمات، ومنتقبة. نسأل الله الثبات.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في تحفظك مما تتخوفين حصوله من المكروه، وحذرك منه، ولا حرج كذلك في عملك بما تتأكدين من كونه خيراً، ولا يبعد أن يكون ما ترينه من جنس الإلهام، فلا شك أن الإلهام والمبشرات والتحديث كلها عوارض ممكنة، وقد عدها بعض أهل العلم نوعًا من الكرامات التي يخص الله بها بعض عباده، وقد حصلت لبعض هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل في إثباتها قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب. متفق عليه.
قال المناوي: هو من ألقى في نفسه شيء على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى, أو من يجري الصواب على لسانه بلا قصد, أو تكلمه الملائكة بلا نبوة, أو من إذا رأى رأيًا أو ظن ظنًا أصاب - كأنه حدث به, وألقى في روعه من عالم الملكوت - فيظهر على نحو ما وقع له, وهذه كرامة يكرم الله بها من شاء من صالح عباده, وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء. اهـ.
وهذا النوع يسميه بعضهم بالكشف، والكشف ربما يحصل للبر والفاجر، والمستقيم والمنحرف؛ ولذلك فإذا رأينا شخصاً يحصل له شيء من ذلك، فإنه لا يحكم بصلاحه حتى يعرض اعتقاده وسلوكه على الشرع، فإن كان سليم العقيدة، مستقيم السلوك، فإنما يحصل له يعتبر كرامة، وإن كان فاسد العقيدة، أو منحرف السلوك، فإنه يعتبر مستدرجاً، ولذلك قال بعض علماء السلف: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، أو يطير في الهواء، فلا تغتروا بعمله حتى تعرضوه على الكتاب والسنة.
والله أعلم.